لبدو بنى سليم ولعناصر قيسية أخرى نفوذ كبير فيه لعقود كثيرة. لذلك قام معاوية بتوطين قبائل مضر وربيعة فى أراضى ذلك الإقليم غير المسكونة وسمح لهم بزراعة هذه الأراضى. ولقد تعقد الوضع فى هذا الإقليم بتدفق أعداد كبيرة من المعادين لعلى من الكوفيين والبصريين عليه خلال الحرب بين على ومعاوية الذى قام بفصل قنسرين الجزيرة عن حمص وجعلها "جندًا" مستقلًا قائمًا بذاته.
أما بالنسبة للعراق، فقد سكنت أعداد قليلة من بنى بكر وتميم، التى كانت ضمن قوات الفتح، فى الكوفة والبصرة، وعاد الباقى منهم إلى الجزيرة العربية أو توغلوا فى داخل العراق وفى أقاليم خوزستان وفارس وكرمان وسجستان. ولقد قام زياد بن أبى سفيان بترحيل ٥٠.٠٠٠ رجل منهم وعوائلهم إلى خراسان سنة ٥١ هـ/ ٦٧١ م فاستقروا فى قرى مرو، وكانوا أداة ساعدت على توسع الفتح العربى فى خراسان.
ولقد اختار معاوية ولاة الأقاليم من رجالات البيت الأموى، أو من المقربين إلى بيت الخلافة. فكان ولاة مكة والمدينة من الأمويين ومن بنى مخزوم، وكان عمرو بن العاص واليًا على مصر، ثم خلفه فى ولايتها مسلمة بن مخلد، وهو واحد من كبار رجال الأنصار الذين أيدوا معاوية كما تولى زياد العراق وكان معاوية قد استلحقه بأبيه أبى سفيان فصار أخًا له. وقد ساعد عامل الولاء والقرابة فى "ضمان صمود الدولة فى مواجهة القبائل".
وقد كان للولاة الأمويين سلطة سياسية وعسكرية كاملة داخل ولاياتهم الكبيرة: فللأمير أو العامل تنظيم جيش ولايته وتولى قيادته، وله الإمامة فى الصلاة وتعمير المساجد ومهام القضاء. كذلك كان موكولًا إليه استتباب النظام وضبط الأمن والإشراف على جمع خراج الولاية وإرسال الفائض منه إلى دمشق. وكان للوالى راتب ثابت فضلًا عن بعض المنح والهدايا والأعطيات.