ولقد نسب لمعاوية إنشاء ديوان الرسائل وديوان الخاتم وديوان البريد. كما تلقب بلقب خليفة اللَّه مثلما فعل الراشدون من قبله، وقد اتصف معاوية بالحلم الزائد وضبط النفس الشديد فى مواجهة رعيته، وهنالك قول مأثور عنه وهو "لو أن هنالك شعرة بينى وبين الناس ما قطعتها أبدًا فإنهم إذا شدوها أرخيتها وإن هم أرخوها جذبتها".
ولقد كان حكم معاوية لبلاد الشام حكما قويًا، مستندًا إلى قواته التى كانت غالبيتها من حلف قضاعة التى كان ولاؤها لقبيلة "كلب". ولقد نزح الكلبيون إلى بلاد الشام أيام الجاهلية، وكانوا فى خدمة الغساسنة، الذين كانوا يشكلون إمارة حاجزة على حدود سوريا، وكانت موالية للبيزنطيين ومعادية لإمارة اللخميين الموالين للفرس الساسانيين وقد كانوا على حدود العراق. وقد اعتنق الكلبيون المسيحية على المذهب اليعقوبى المونوفيستى، ووقفوا على الحياد حين وقع الغزو العربى على سوريا. على أنهم دخلوا بعد ذلك الإسلام واندمجوا داخل البيئة العربية أثناء ولاية معاوية على الشام. وقد صاهر معاوية الكلبيين بزواجه من ميسون بنت بهدل الكلبية، ابنه بهدل بن عُنيف من عشيرة الحارثة بن جندب، التى كانت بيتًا من بيوت الكلبيين. ولقد انجبت ميسون لمعاوية ولدهما يزيد واستطاع معاوية أن يدعم حكومته بالشام بتحالفه مع الكلبيين وقبائل قضاعة التى استقرت فى وسط وجنوب سوريا، وقبائل كندة اليمنية.
وفى أواخر أيام حياته أخذ معاوية البيعة بالخلافة لابنه ووريثه يزيد، الذى كان آنذاك فى سن الشباب، وكان سديد الرأى، وفوق ذلك كله أنه كان يمثل استمرار التحالف بين الكلبيين وآل سفيان. ولقد قاوم العلويون الهاشميون هذه البيعة، وتزعم المقاومة داخل الحجاز كل من عبد اللَّه بن الزبير والحسين بن على. ولقد ازدادت مقاومة العلويين ليزيد بعد أن تولى الحكم سنة ٦٠ هـ/ ٦٨٠ م، وبموت يزيد المبكر سنة ٦٤ هـ/ ٦٨٣ م اندلعت الحرب الأهلية فى البلاد من جديد.
وبتولى معاوية الحكم وتوريثه لابنه من بعده، وانتقال الخلافة من الحجاز