فى طبقاته، لم يتردد فى رمى البعض منهم بالزندقة. وأيضا قال بفكرة "التناسخ" اثنين من أتباع النظّام أحمد ابن خابط أو حابط والفضل الهداثى، وهى الفكرة التى تبناها "غلاة الشيعة".
فإذا ما يممنا شطر الفترة الثانية، نجد أن الوضع مختلف جذريًا فهنا نجد الاهتمام بالتاصيل المذهبى فقد تأسست مدارس حقيقية، ذات مبدأ هيكلى متماسك الذى يمكن أن يسمى بنظام حقيقى فمن البصريين (والذين فى الواقع قضى أغلبهم حياتهم فى خوزستان) نجد الجبائى يمثل مدرسة قائمة بذاتها. ومن البغداديين يظهر أبو الحسين الخياط، والذى ينعت بـ "شيخ المتكلمين من البغداديين". وابنه أبو هاشم حيث تتردد اسماؤهم فى أعمال كل المؤلفين.
ويتضح الفرق بين المدرستين هنا بشكل أكثر تميزًا مما كان فى الفترة الأولى. وقد ضم مؤلف مشهور هو "المسائل فى الخلاف بين البصريين والبغداديين" لأبى رشيد النيسابورى أشهر مواضع الخلاف بينهم، خاصة فى الكونيات وأصل الإنسان. فنظرية "الأحوال" التى قال بها أبو هاشم هى على وجه الخصوص من أشد ما هوجم من جانب البغداديين. وإن كان البعض من البصريين يرفضها أيضا، منهم على سبيل المثال أبو الحسين البصرى. ولذلك فقد نشأ فى داخل الاتجاه البصرى مدرسة فرعية تسمى "البهشمية"، وهم مؤيدو أبى هاشم (وهى تضم أغلب الجبائيين) الذين ذكرناهم.
ويؤرخ لانتهاء الفترة الثانية، وبالتالى العهد الذهبى لمذهب الاعتزال ببدء عهد السلاجقة، (دون ارتباط بين الحدثين)، ولكن المذهب ذاته ظل باقيا.
فقد استمر وجود المذهب المعتزلى ردحا طويلًا من الزمان. ذلك أن الكثير من الحنفيين كانوا من معتنقى المذهب المعتزلى، وكان السلاجقة منحازين للمذهب الحنفى، الأمر الذى أدى إلى أن يكون أغلب القضاة فى بغداد والرى على مدى قرنين من الخلافة العباسية من المعتزلة. وفى خوارزم ظل هو المذهب الرسمى بتأييد من الأمراء المحليين، حتى أن لفظ "خوارزمى" كان