والوعيد، والذى بمقتضاه يعتقد فى خلود المسلم فى النار إذا لم يتب عن ذنوبه قبل موته. ٤ - المنزلة بين المنزلتين، كما سبق بيانه. ٥ - الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. وبمعنى آخر أن يشارك المسلم فى الشئون العامة لتكريس سلطان الشريعة، ومقاومة الانحراف.
وبعد قرنين من الزمان يمكن القول بأن هذه الأصول الخمسة ظلت سارية. حيث شكلت الأساس لأفضل بيان للفكر المعتزلى ولكن ذلك لا يؤخذ على إطلاقه. فالمبدا الخامس مثلا لم يعرف عن المعتزلة الاجتهاد فيه (عدا ربما العصر الأول). كما أنه لا يوجد تناسب بين أهمية المبدأين الثالث والرابع، والأول والثانى. فالمبدأين الأول والثانى لهما من الأهمية لدرجة أن أصحاب المذهب ينعتون أحيانًا باسم "أهل العدل والتوحيد"، وهو لقب يسعدون به. بل أن المبدأين الثالث والرابع من الممكن اشتقاقهما من الأول والثانى. كما أن مبدأ التوحيد والعدل غير كافيين وعلى ذلك فسوف يسير بحثنا على أسس أخرى غير هذه الأصول الخمسة.
أ- معرفة اللَّه والصفات الإلهية:
١ - إن الخاصية الرئيسية فى هذا الصدد، هو انكار الصفات الأزلية للَّه. فهم ككل المتكلمين يصفون اللَّه بأنه "قادر"، و"عليم" خالق ورازق وغير ذلك من الصفات بالمعنى الاسمى فكلمة "صفة" هنا لا تعنى أكثر من "وصف"، أو حتى "اسم". ولكن السؤال الذى يثور هنا هو على أى أساس تنسب هذه الأوصاف للَّه؟ فبالنسبة لما يكون بسبب أفعاله، أى "صفات الفعل"، مثل خالق ورازق ومحسن وهكذا، فلا صعوبة فى الأمر. أما حين يتعلق الأمر بما يسمى "صفات الذات أو النفس"، أى الصفات الأزلية التى يتصف بها بحكم ألوهيته، مثل عالم وقادر وحى فإن الأمر إذ ذاك يختلف. ذلك أن الاعتراف بأزلية هذه الصفات يعنى، من وجهة نظرهم، تعدد من يوصف بالأزلية، وهذا يعنى المماثلة مع اللَّه فى هذه الصفة، وهذا يتناقض بشدة مع مبدأ التوحيد، فإن اللَّه سبحانه هو الخالق وحده، فلا يشاركه فى ذلك غيره.