للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والسنة على عكسهم يقبلون هذا المنطق دون غضاضة. ويردون على المعتزلة الذين يحتجون بالمماثلة بأن أزلية هذه الصفات لا تعنى المماثلة مع اللَّه، بالضبط كما أنها لا تعنى المماللة بين بعضها البعض. أما المعتزلة فى تعليلهم بنسبة مثل هذه الصفات للَّه، فهو أنه، مثلا، ليس عالما نتيجة علم يلحق به، وبالتالى يتصف ذلك العلم بالأزلية، وهو ما يحاولون تجنبه، ولكن ذلك العلم ليس سوى ذاته هو. [يقول أبو الحسين الخياط المعتزلى فى كتابه "الانتصار" إن اللَّه لو كان عالما بعلم، فإن هذا العلم إما أن يكون قديمًا أو محدثًا ولا يمكن أن يكون قديمًا لأن هذا يوجب وجود اثنين أقدمين، وهو تعدد، وهو قول فاسد. ولا يمكن كذلك أن يكون محدثًا، لأنه لو كان كذلك فإنه يكون قد أحدثه اللَّه، إما فى نفسه، أو فى غيره، أو فى غير محل. فإن كان أحدثه نفسه أصبح محلا للحوادث، وما كان محلا للحوادث فهو حادث، وهذا محال. وإن كان أحدثه فى غيره كان ذلك الغير عالما بما يجعل منه أن يكون دونه. ولا يعقل أن يكون أحداثه فى لا محل، لأن العلم عرض لا يقوم إلا فى جسم، فلا يبقى إلا حال واحد، وهو أن اللَّه عالم بذاته] *

٢ - ومن بين المسائل التى أثارتها مشكلة تعدد الصفات الأزلية مع الذات الإلهية، مسألة كلمة اللَّه وإرادته. وهى المسألة التى دفعتهم للقول بخلق القرآن. فهو بالنسبة لهم، يعتبر "عرضا" بالمعنى الاصطلاحى الذى يستخدمونه لهذه الكلمة، أى حادث من ضمن الحوادث، مكون من "حروف منظمة، وأصوات مقطعة". وقد خلقه اللَّه فى "محل" مجسد.

٣ - وبالإضافة للتوحيد المطلق، يركز المعتزلة على السمو المطلق، وهم بذلك يقصدون أن اللَّه ليس بجسم، ولا يوصف بالتالى بما توصف به الأجسام، كالحلول فى مكان، والحركة، والتشكل، إلخ ويترتب على ذلك نتيجتان هامتان: من جهة لا يجوز أن يمثل بأى شكل إنسانى، وما ذكر فى القرآن من كون أن له يدًا أو عينًا فكلها ألفاظ مجازية،


* (المترجم)، عن كتاب موسوعة الفرق الإسلامية، تأليف الدكتور عبد المنعم الحفنى، دار الرشاد.