بقتل "ابن شلين" خازن بيت المال اليهودى الذى كان يصحب هذه السفارة إذ رفض أن يقبل عملة مزيفة، وحينذاك قام ألفونس فغزا مملكة أشبيلية وخرّب مدن "الشرف" aljarafe الأعلى فصارت يبابا بعد أن كانت مزهرة وتقدم عبر إقليم "شذونة" Sidons وجاس خلاله حتى بلغ "طاريف" Tarifa وهنا قال مقالته الشهيرة التى ازدهى فيها بأنه بلغ أقصى حدود أسبانيا.
لقد كان استيلاء ألفونس السادس على طليطلة ضربة قاصمة للإسلام فى الأندلس، إذ سرعان ما طلب ملك قشتاله من المعتمد أن يسلم له الأراضى التى فى يده والتى كانت تؤلف فى الماضى جزءًا من مملكة "ذى النون"، والواقع أن مطالبه التى كانت تزداد يومًا بعد يوم وفى أسبانيا وعلى رأسهم المعتمد إلّا أنهم اضطروا إلى التماس النجدة من سلطان المرابطين يوسف بن تاشفين الذى كان قد فرغ منذ وقت قريب من فتح كل المغرب دون أن يجد مقاومة، واتفق رأى ملوك الإسلام فى الأندلس على أن يرسلوا لابن تاشفين سفارة تتألف من الوزير أبى بكر بن زيدون وقضاة بطليوس Badagoz وقرطبة وغرناطة، وأمكن التوصل فى شئ من الصعوبة فعبر يوسف بن تاشفين مضيق جبل طارق وأنزل يوم ١٢ رجب ٤٧٩ هـ) (= ٢٣ أكتوبر ١٠٨٦ م) بالقوات المسيحية هزيمة ساحقة فى وقعة زلاقة الشهيرة التى لا تبعد كثيرًا، عن بطليموس، ولسنا فى حاجة هنا لأن نقول كيف عاد يوسف بن تاشفين إلى أفريقية وكيف أنه لم يتابع نصره على الوجه الذى كان يطمع حكام أسبانيا المسلمون أن يكون عليه، على أنه ما كاد ابن تاشفين يرحل عن الأندلس حتى شرع المسيحيون فى معاودة مضايقاتهم للأراضى الإسلامية إلى الحدّ الذى حتم على المعتمد أن يذهب بنفسه إلى يوسف ابن تاشفين يسأله أن يعبر الندوة مرة ثانية على رأس قواته، فاستجاب له يوسف وأرسى فى الجزيرة الخضراء فى ربيع العام التالى (٤٨٢ هـ = ١٠٩٠ م) وحاصر قلعة حصن الليط Liyyit وإن لم يستطع الاستيلاء عليه،