للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفنسنك -ومن على شاكلتها- ان يقولوا إن الاسلام فى مكة غير الاسلام فى المدينة بالنسبة لابراهيم عليه السلام.

فإن إبراهيم فى مكة أو فى القرآن المكى لم تكن له صلة بالعرب فليس أبا لهم، ولم يكن بانى البيت، ولا صلة له بإسماعيل ولا بالعرب.

٢ - إن النبى لما جاء إلى المدينة كان يحمل أكبر الآمال فى أن يؤمن به اليهود ويظاهروه على أمره فلما أخلفوه ما أمّله وكذّبوه أراد أن يتصل بهم عن طريق إبراهيم، وعبر عن ذلك "يهودية إبراهيم" وهم فى ذلك كله على ضلال مبين.

(أما عن الأول) فقد أخطأ خطأ ظاهرًا. فإنى ألاحظ أن المستشرق فنسنك يقول: لم تذكر فى السور المكية أية صلة لاسماعيل بإبراهيم، وذلك ترويجًا لفكرته التى يريد أن يصل إليها وهى: أن محمد، ظل بعيد، عن صلة العرب بإبراهيم واسماعيل إلى أن هاجر إلى المدينة، فبدت له فكرة هى أن يصل حبل العرب الذين هو منهم باليهود عن طريق إسماعيل وإبراهيم، مع أنه لا صلة بينهم وبين إبراهيم واسماعيل. وهذه الفكرة تهدم التوراة قبل أن تهدم القرآن، لأنها ذكرت صلة إبراهيم بإسماعيل وأنه جدّ عدة قبائل فى بلاد العرب. وحين عد السور المكية عمد إلى التى يذكر فيها إبراهيم مجردًا عن الصلة بإسماعيل والعرب؛ لذلك تخطى سورة إبراهيم وهى مكية وقد شهدت بعكس ما يقول، وآياتها شاهدة بان إبراهيم واسماعيل بنيا البيت، وأنهما كانا يدعوان الله تعالى بالهداية وأن يجنيه وبنيه عبادة الأصنام. وإبراهيم يذكر أنه أسكن من ذريته بواد غير ذى زرع عند بيت الله المحرم، ويدعو الله أن يرزقهم من الثمرات، ويحمد الله أن وهب له إسماعيل وإسحق. واقرءوا قوله تعالى فى سورة إبراهيم:

{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (٣٥) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٦) رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٣٧) رَبَّنَا