وقد جمعت قصائد النصف الأول من حياة أبى العلاء فى ديوان أطلق عليه اسم "سقط الزند" وفى هذه المجموعة من القصائد تتناثر هنا وهناك انفعالات الشاعر بالتطورات السياسية المعاصرة فى سوريا وردود فعله تجاهها. . وفى تلك الفترة تقريبًا بدأت أسرة الحمدانيين، التى كانت حلب مركز سلطتها، تفقد الكثير من سلطانها، الذى بلغ أقصى ذروته فى عهد سيف الدولة، والذى أخذ ينحدر بالتدريج فى ظل من خلفوه، إلى أن ترك الساحة فى النهاية لسلسلة أخرى من الأمراء هم "الرادسيون" وفى هذه الأثناء، تعرض الاستقلال النسبى للمنطقة الشمالية من سوريا لتهديدات متزايدة من الهجمات المتجددة للقوات العسكرية البيزنطية من الشمال ومن الجنوب ومن ظهور الفاطميين لأول مرة. . وفى الوقت نفسه لم يكن من المتوقع أن يصل أى عون من الأمراء البويهيين وسادتهم الاسميين: خلفاء بنى العباس فى بغداد -ففى عهد خلفاء سيف الدولة، وعلى الأخص سعد الدولة وسعيد الدولة، بدأ "الأئمة" الفاطميون يحاولون بسط نفوذهم من مصر إلى شمال سوريا، وأصبحت حلب -وعلى الأخص فى الوقت الذى بدأ فيها سعيد الدولة حكمه- هدفًا للعديد من عمليات الحصار التى كانت تطول ولكنها جميعا باءت بالفشل انظر ابن العديم: زبدة الطلب من تاريخ حلب (١/ ١٨٥١ - ١٩٢) -وقد اهتم أبو العلاء كثيرًا بهذه التطورات كما هو واضح من أربع قصائد على الأقل من قصائده فى المديح ضمها ديوانه سقط الزند. ففى هذه القصائد يمتدح أبو العلاء شخصيات مهمة من كلا الطرفين المتحاربين -وهكذا نراه يمتدح فى إحدى القصائد من يدعى "بَنْجوتكين"، الذى كان قائدًا من قواد الفاطميين- وكما أنه يمتدح فى قصيدتين أخريين شخصا اسمه "أبو الحسن على بن الحسين" وهو من "بنى المغربى". . وقد كان "كاتبًا "ووزيرًا" فى خدمة الحمدانيين، ولكنه خان سادته وشغل فى عهد الفاطميين منصب "مدبر الجيش" أى المشرف المالى والإدارى على الجيش وحاول أن يغزو حلب لصالح الفاطميين. ومن جهة أخرى قد يكون من المفيد أن نلاحظ أن "سعيد