إذ أصبح بيته مزارا للكثيرين من الوزراء والدارسين والتلاميذ، على حين كان يواصل رسائله ومراسلاته النثرية. أما مراسلاته الشعرية مثل تلك التى جاءت فى مجموعته الأولى من سقط الزند فترجع إلى الفترة السابقة لبغداد وكان ممن اتصل بهم الشاعر الشخصيات التالية:
١ - حاكم حلب أبو شجاع فاتك ابن عبد اللَّه الرومى "عزيز الدولة" والذى عينه الفاطميون وحكم فى الفترة من ٤٠٧ هـ/ ١٠١٦ - ١٧ م حتى ٤١٣ هـ/ ١٠٢٢ - ٢٣ م (انظر زبدة الحلب ١/ ٢١٥ وما يليها) وقد قام بزيارة لأبى العلاء ليعرض عليه دعوة من الإمام الفاطمى "الحاكم" ليذهب إلى مصر ولكن الشاعر لم يوافق على الإقامة فى مصر.
٢ - أبو القاسم المغربى -وكان ولدًا لأبى الحسن المغربى كاتب الحمدانيين الذى ذكرناه من قبل، ولما كانت سنة أربعمائة للهجرة (١٠٠٩ م) وفى الوقت الذى أعدم فيه الحاكم جميع أفراد أسرة المغربى إلا القليل منهم، استطاع أبو القاسم أن يهرب من المذبحة.
وبعد كثير من الترحال عين وزيرًا فى ميافارقين وقد وجه أبو العلاء الكثير من الرسائل إليه بل وأنشا قصيدة رثاه فيها عند وفاته.
٣ - أبو نصر أحمد بن يوسف المغازى وهو شاعر ووزير عينه حاكم ميافارقين -وقد زار أبا العلاء ويقال أنه وجه إليه أسئلة دقيقة محرجة بعض الشئ عن أسلوبه الزاهد فى الحياة (انظر ابن القفطى: انباه، ص ٦٣).
٤ - أبو الفضل محمد بن عبد الواحد البغدادى الذى كان وزيرا للخليفة العباسى القائم بأمر اللَّه، وسفيرًا له أيضًا بعث به إلى الأمير الزيرى "المعز ابن باديس" فى تونس. وقد مر بمعرة النعمان وهو فى طريقه إلى الغرب.
وقام بزيارة أبى العلاء ثم واصل رحلته على مراحل حتى استقر نهائيا فى الأندلس (انظر الصفدى الوافى، ص ٧٠ - ٧١. الإنصاف لابن العديم، ص ٥٦٣) على أنه يجب أن نشير إلى واحد من تلاميذ مدرسة أبى الفضل الذى كتب تعليق نفيسًا على سقط الزند.