الساحل. فأعاد الاستيلاء على المهدية، والعرائش، وأصيلة وطنجة، التى جلى الإنجليز عنها سنة ١٦٨٤ م، لكنه لم يستطع أن يسترد سبتة من الأسبان برغم محاصرتها أو بالأحرى حصارها لمدة سبع عشرة عام متصلة، كذلك لم ينجح فى مغامرته ضد أتراك الجزائر، الذين تقاسموا مع المغاربة تملك سهول شرق المغرب و (قصور) جنوب وهران وقد انتهت حملاته التى وجهها إلى الجزائر بالفشل، وتابع المجرى الأدنى لمولوية ليكون حدًا لإمبراطورية الأشراف. وبرغم عدم توفيق هنا، فإن مولاى إسماعيل يُعد أعظم أمثلة الأسرة الحسنية، وهو المثل الأعلى لكل سلاطين المغرب الذين تولوا حكمه حتى الزمن الحاضر. على أن المغرب ظلت على ما كانت عليه من قبل، أى أنها ظلت تجمعًا لجماعات مختلفة، يعتمد تماسكها على نشاط الحاكم الشخص، الذى يحصّر رعاياه إلى أقصى حد ليحصل على الأموال اللازمة لبناء عاصمته مكناس، وبناء القصور التى شيدها العمال المقهورين من عامة الشعب ومن الأرقاء المسيحيين.
ولقد حدث رد فعل عند موت مولاى إسماعيل. فلقد تنازع أبناؤه من بعده فيما بينهم مدة ثلاثين عامًا. ولقد كان السادة الفعليون آنذاك هم عبيد النجارى، الذين كانوا يتحكمون فى اختيار السلاطين وفق هواهم. ولقد أقيم واحد منهم وهو مولاى عبد اللَّه، وأُقيل لست مرات. ولقد نجح فى إحراز النصر على منافسيه باستخدام البربر واستنفارهم ضد العبيد الذين زالت أهميتهم مع الوقت بسبب هزيمتهم فى الحروب. ولم يكن العلاج آنذاك بأحسن حالا من الداء. فلقد كانت هذه الفترة بالنسبة للمغرب فترة بؤس وخراب. ولقد عانت سلطة الأشراف وضعفت بسببها.
ولقد نجح مولاى محمد (١١٧٠ - ١٢٠٦ هـ/ ١٧٥٧ - ١٧٩٢ م)، فى إستعادة تلك السلطة. وقد ورث نشاط جده إسماعيل وحماسه، واستطاع أن يستعيد إلى جانبه ثوار البربر، وبإستيلائه على مزقان فى سنة ١١٨٣ هـ/ ١٧٦٩ م حطم آخر بقايا القوة البرتغالية على ساحل الأطلنطى.