مستقلا وفى ظل حكم، وأن تذهب عائداته إلى مؤيديه من الخرسانيين، على حين أصر المنصور على أن يقوم بتعيين الحكام، وجمع الضرائب من المنطقة. . وكان وجود أبى مسلم فى العراق خطرا وقد تم إعدامه -بحضور الخليفة- فى المدائن فى شهر شعبان ٤٣٧ هـ/ فبراير ٧٥٥). . وقد أعقب إعدامه حدوث اضطرابات فى إيران، ولكن المنصور استطاع فى النهاية أن يؤكد قبضته وسلطانه على خرسان.
أما آخر التحديدات الكثيرة التى واجهها المنصور فكانت التهديد بانتفاضة علوية اندلعت أخيرا فى رجب عام ١٤٥ هـ/ سبتمبر ٧٦٢ م فى المدينة بقيادة محمد بن عبد اللَّه. وقد فشلت المحاولات التى بذلت لمد الثورة إلى سوريا ومصر، على حين كان الخليفة وقواته يراقبون بدقة مدينة الكوفة المركز التقليدى لتأييد العلويين. . وأمر المنصور أن تقطع عنه إيرادات الطعام من مصر، وأصبح محمد بن عبد اللَّه معزولا فى المدينة وكان من السهل أن يتعرض للهزيمة، وأن تقتله قوة عباسية بقيادة عيسى بن موسى فى رمضان ١٤٥ هـ/ نوفمبر ٧٦٢ م.
وقبل موت محمد بن عبد اللَّه بفترة قصيرة تزعم شقيقه إبراهيم انتفاضة فى البصرة؛ وبعد أن استولى على المدينة بدأ الزحف على الكوفة، ولكن عيسى بن موسى قابله بجيشه العباسى وهزمه وقتله فى باخمرى (قرب الكوفة) بعد معركته عنيفة شرسة (ذو القعدة ١٤٥ هـ/ فبراير ٧٦٣ م).
وبفشل الثورة أصبح المنصور مطلق الأيدى فى أن يدعم حكمه فى سلام وهدوء نسبى. . وقد كان على مهارة فائقة فى التخطيط السياسى، وكان يتمتع بروية واضحة. . وكانت سياسته تقوم على تأسيس دولة مركزية مدنية إلى حد كبير، وعلى جيش قوى يتقاضى رواتب، وعلى جهاز دقيق كفء لتحصيل العائدات. . وكان عبد الملك وهشام، الحاكمان الأمويان الكبيران هما القدوة والنموذج له؛ وقد رفض مطالب جماعات مثل الداوندية الذين