أصبحت لهم الغلبة فيه، كذلك وجد إلى جانب معاجم التراجم هذه مؤلفات تتضمن مواضيع ونصوصا كانت موضع الدراسة أو فى متناول بلاد الأندلس فى هذا الوقت، وعلى هذا الأساس نستطيع أن نرى أن الأندلس ضربت بسهم فى الأنتاج الثقافى فى مناطق مراكز العالم الإسلامى، وساهمت فيه أيضًا. ورحل الأدباء والعلماء والحجاج والتجار إلى الشرق ثم عادوا بعدئذ وراحوا يعملون على تدعيم وتعميق الصلات التى تربط الحياة الأندلسية وتعمق صلاتها بالشرق الإسلامى.
وعلى الرغم مما كانت تعانيه الأندلس من أنقسامات سياسية داخلية إلّا أنها ظلت وحدة من الناحية الثقافية والدينية، وبقيت الصدارة للمذهب المالكى وإن قام إلى جانبه عدد من المدارس الفقية.
ولعل أشهر أديب دينى وجَدلّى فى ذلك الوقت كان ابن حزم ولكنه لما كان من فريق الظاهرية (وفاشلا فى حياته السياسية) فإنه لم يكن له إلّا تأثير ضعيف فى أيام حياته، وإن ما حظى بالشهرة بعد موته وجود ذلك فى الأساس إلى كتابه الفصل فى الملل والأهواء والنحل الذى اعتبره الجميع دراسة سابقة لأدابها عن الديانة المقارنة، وكان العلماء والأدباء ينتقلون فى سهولة ويسر بين الدول والحكام المتنازعين فيما بين بعضهم والبعض الآخر، واكتسب العلم من المنافسة التى كانت موجودة بين هؤلاء العطوفيين على الأدب على ما بينهم من خلافات، وإذا نحينا ابن حزم جانبا وجدنا كتابا بارزين فى هذا العصر من بينهم المؤرخون: ابن حيان وسعيد الطليلطى وكذلك صاحب غرناطة الزيرى عبد اللَّه بن بلجين الذى عشر -منذ أكثر من خمسين سنة- ليفى بروفنسال على مذكراته، أما من علماء الدين فكان هناك أبو عمرو الدانى، كما ظهر من العلماء فى الطب أسرة ابن زهر وغير هؤلاء.
فلما أهلّ النصف الثانى من القرن الخامس للهجرة بدأ الضعف يتطرق إلى ملوك الطوائف الذين وقعوا بين شقى