كمصلى. وعندما تمت عمارة المسجد سنة ٩٢ هـ/ ٧١١ م, لم يرجع قرة منبر عمرو إلى مكانه ولكنه أقام مكانه منبرًا جديدًا. وظل منبر قُرة قائمًا حتى سنة ٣٧٩ هـ/ ٩٨٩ م، حين استبدله الوزير الفاطمى يعقوب بن كلس بمنبر آخر مطلى بالذهب. وفى سنة ٤٠٥ هـ/ ١٠١٤ - ١٠١٥ م قام الخليفة الحاكم بأمر اللَّه بوضع منبر جديد كبير فى جامع عمرو بن العاص.
ولا نسمع عن أى اعتراضات فى الأماكن الأخرى على إقامة المنابر فى الأمصار ففى المدائن وفى عام ١٦ هـ/ ٦٣٧ م أقام سعد بن أبى وقاص منبرًا فى المسجد الذى ابتناه فى إيوان كسرى كما أقام أبو موسى الأشعرى بالبصرة منبرًا فى وسط مسجدها. على أن ذلك الموضع لم يكن ملائما لأنه كان على الإمام أن يعبر من المنبر إلى القبلة "ويتخطى رقاب" الجلوس من المسلمين لذلك حوَّل زياد المنبر إلى الحائط الجنوبى. ومن ناحية أخرى، فقد ورد إلينا أن عبد اللَّه بن العباس (والى البصرة ٣٦ - ٤٠ هـ/ ٦٥٦ - ٦٦٠ م) كان أول من ارتقى المنبر فى البصرة وصار المنبر رمزًا للحاكم وفى سنة ٦٤ هـ/ ٦٨٣ - ٦٨٤ م) كانت هناك منابر فى كل الولايات وفى ذلك العام، تمت البيعة العامة لمروان بن الحكم ليس فى العاصمة فحسب بل وعلى المنابر الأخرى فى بلاد الحجاز، ومصر، والشام، والجزيرة، والعراق، وخراسان، وسائر الأمصار.
وفى القرن الأول الهجرى وبداية الثانى، نجد الوالى فى المدن الصغيرة يلقى الخطبة واقفا، ممسكا فقط بعصا. ولكن فى عهد حكم عبد الملك بن مروان نصبت المنابر فى قرى مصر. وحين أصبحت الخطبة مجرد عظة دينية، ولم يعد الحاكم هو الخطيب، صار المنبر منصة للوعظ الدينى وصار هنالك منبر فى كل مسجد تعقد فيه صلاة الجمعة. وفى نفس الوقت، أعنى، بعد عهد الرشيد، اكتمل التغيير بالتدريج فى وظيفة المنبر، وصار الواعظ يخطب من فوق المنبر واقفًا.
ولقد طبقت أحاديث الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- آنذاك بصدد إلقاء الخطيب خطبتين