للجمعة واقفا، "كما هو حاصل اليوم". ويعد المنبر الآن مشابها تماما على هذا النحو المنبر المسيحى. ومن المحتمل تمامًا أن يكون الأخير قد أثر فى شكل المنبر الإسلامى وقد جعل معاوية منبر المدينة أكبر، فى حين احتوى المنبر الذى حمله معه إلى مكة على ثلاثة درجات فقط، وكان بالطبع منبرًا محمولا قابلًا للنقل والتركيب. وسمعنا مرة أخرى عن منابر محمولة صنعت مؤخرا ليست كبيرة الحجم وقيل إن منابر المغرب كانت كلها منابر محمولة ويعتبر "ابن الحاج أن تلك بدعة ابتدعها" الحجاج والمنابر القديمة مصنوعة من الخشب. وعلى أن هناك حديثا يروى أن النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- قد صنع له كرسى من الخشب بقوائم حديدية لاستقبال تميم. ولكن منبر الحديد أقيم منذ بداية العهد الأموى؛ وكذلك المنبر من الحجر أيضًا، ثم بنيت المنابر من الأجر وعادة، ما ينصب المنبر وظهره ملاصق لحائط القبلة إلى جوار المحراب. وحاول المهدى رد المنابر إلى حجمها الأصلى الصغير, لكنه لم يستطع أن يوقف التطوير. وأقيمت عدة منابر فى المساجد الكبرى ويشير ابن الفقيه، (حوالى سنة ٣٠٠ هـ/ ٩١٢ - ٩١٣ م) إلى وجود خمسة منابر فى مسجد القدس. أما فى جامع السلطان حسن بالقاهرة، كانت هناك خطط لبناء أربعة منابر، ثم تنفيذ ثلاثة منها, ولم يتم تنفيذ الرابع بسبب الانشغال فى إصلاح مئذنته التى تصدعت سنة ٧٦٢ هـ/ ١٣٦١ م وحولت الانتباه عن تشييد هذا المنبر الرابع إلى عمل آخر. وقد أعطت الأهمية التى كانت للمنبر فى السابق زمن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، حرمة خاصة له، وتركزت حرمة المسجد حوله وحول المحراب.
وقيل أن الخليفة عثمان بن عفان كان أول خليفه يكسو منبر النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- بالقطيفة. وقام معاوية بنفس الصنيع ولم تكن تغطية "الحاكم بأمر اللَّه" للمنبر الحديدى بجلد مذهب إلا لما علاه من الصدأ، وزمن العباسيين، جرت عادتهم على أن يرسلوا كل عام كسوة لمنبر النبى من بغداد؛ لكن سلاطين العهود المتأخرة لم يكونوا يجددون هذه العادة بانتظام. ولدينا إشارات فى