الإدارى، كما عهد إليه بمراقبة الرحالة الوافدين من الخارج، ينفرد ابن خلدون فى مقدمته من بين جميع المؤلفين فيذكره بأنه القاضى الذى أصبحت له قيادة الجيوش التى كانت تخرج كل سنة لقتال النصارى، وليس من المعروف متى كان تاريخ انتقاله ليكون قاضى مدينة الزهراء، ولكن من المعروف أنه كان يشغل هذا المنصب فى سنة ٣٣٨ هـ (= ٩٤٩ م) حين حدثت حادثة يعتبرها مترجموه ذات خطورة عظمى ويعلقون عليها أهمية كبرى، فلقد كان حاضرا مجلس بلاط الخليفة الناصر عبد الرحمن أثناء استقباله لسفير الإمبراطور قسطنطين السابع، وفى أثناء هذا الاستقبال الذين كان من المفروض أن يلقى فيه أبو على القالى كلمة فى مديح الخليفة يؤكد فيها على رخاء البلاد تحت حكمه، وكان الحكم ولى العهد قد جاء بالقالى من بغداد وبسط عليه رعايته، فلما شرع أبو على فى الكلام ارتج عليه من الرهبة فلم يستطع أن ينطق بكلمة واحدة، وحينذاك ارتجل المنذر بن سعيد خطبة عصماء حفظها لنا الكثيرون ممن ترجموا له ونقلها عنهم غيرهم ومن بينهم ابن خاقان فى كتابه المطمح وياقوت فى معجم أدبائه، ولقد أكسبه هذا الحادث العارض تقدير عبد الرحمن الثالث الناصر الذى أحسّ إذ ذاك بوجوده لأول مرة ومن ثم اختاره فى السنة التالية فجعله "قاضى الجماعة" وكان معنى ذلك أنه صار أكبر قاضٍ فى المجتمع الإسلامى للإشراف على سير العدالة كما يقول ليفى بروفنسال فى تاريخه عن اسبانيا المسلمة، وعلى الرغم من محاولات المنذر المتكررة للاستقالة وترك منصب قاضى الجماعة إلا أن الحكم الثانى أصر على ابقائه فى هذا المنصب حتى وافاه أجله يوم الثامن عشر من ذى القعدة سنة ٣٥٥ هـ = ١٥ نوفمبر ٩٦٦ م وليس الرابع من ربيع الأول ٣٤٩ هـ وهو فى السابعة والأربعين من عمره كما يقول السيوطى فى بغيته الذى يخطئ مرة أخرى فيجعل ولايته قضاء الجماعة لغرناطة لا لقرطبة). أما الحكم الثانى فقد ولى الخلافة من سنة ٣٥٠ هـ حتى ٣٦٦ هـ.