١٩٠٤ م "فرح انطون". ونشرها فى مجلته "الجامعة" وهو يعتبر -بسبب كتاباته التقليدية- من بين شعراء مصر الكبار فى عصره. وكرس نفسه -مثلما فعلوا- لهذا النوع من الشعر الذى كان لا يزال مزدهرًا وهو شعر المناسبات. (وهو لم يترك أى ديوان له، بل مختارات تحت عنوان "مقتطفات المنفلوطى" ظهرت عام ١٩١٢ م ويتضمن بعض النصوص النثرية التى ترفق بعديد من القصائد).
وأخيرًا فإن أصالته الحقيقية تنبع من التزامه بالعقيدة، وما يستتبع ذلك من انعكاسات على أدبه -فإيمانه بالإسلام يظهر قويًا فى مواجهة أى تحد أو اختبار فهو يرى أن الإسلام ليس نظامًا قديمًا من القيم يسعى للاحتماء به، ولكنه دين فعّال ذو حيوية مستمرة. تعمل قوته المتجددة دومًا على تقوية المؤمنين مما يتيح لهم أن يروا المستقبل مشرق الجوانب. كما يؤمن بأنه يجب تشجيع كل شئ قادر على أن يساند هذه الفعالية والحيوية، ولذلك وقف إلى جانب المصلح العظيم محمد عبده، بل تعرض للسجن بسبب تأييده إياه ضد الخديوى. . وكثيرًا ما يتضح تأييده لرفيق الأفغانى فى قصائده؛ ولما كان من دعاة الأخلاق، فقد وجد شكلًا أكثر موائمة مع مبادئه استطاع أن يعبر فيه عن نفسه فى مجموعة المقالات التى كتبها على شكل قصص تهذيبية تنويرية؛ وقد نشرت فى مجلة "المؤيد" الأسبوعية تحت عنوان "النظرات" وكان الموت وسوء الحظ والدموع تمثل العناصر الرئيسية فى هذه الحكايات. وفى بعض الأحيان يحدق القدر الناس الظالم بالكائنات النقية التى لا حول لها ولا قوة -ولكن كثيرًا ما يكون تطور المجتمع هو الذى يجلب الكوارث ففى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، أنكر المصريون المتهورون تقاليدهم المتينة وأعطوا ظهورهم لمفاهيم الإسلام الحكيمة مقلدين فى ذلك النمط الأوروبى تقليدًا أعمى. وهذه هى الرسالة التى نستخلصها من قصص المنفلوطى الخياليّة ويجب أن نقتنع بأن مضمون هذه الكتابات والشكل الذى اتخذته، قد تناغما مع تطلعات الجمهور