فى تلك الفترة، إذ أعيد طبعها فى ثلاثة مجلدات فى عام ١٩١٠ و ١٩١٢، ١٩٢٠.
ولكن فى عام ١٩١٥ م نشر مؤلفنا مجموعة أخرى تحمل عنوانًا مثيرًا للعواطف هو "العبرات" وتظل اللهجة السائدة فيه هى الشفقة والرثاء، ولكن يجب أن نلاحظ أن هذه القصص ذات شقين فثلاث منها من تأليفه هو ذاته، على حين ترجم القصص الثمانى الأخرى عن الفرنسية أو عن الإنجليزية (من الأدب الأمريكى) فى حالة واحدة. ذلك لأنه -بالرغم من تحذيراته من أسلوب الحياة الغربية- كان معجبًا بالأدب الذى ينتجه الغرب.
وقد ترجم لكل من شاتوبريان والكسندر ديماس الصغير. ثم ترجم بعد ذلك كتاب "تحت ظلال الزيزفون"(١٩١٩ م) وترجم "بول وفرحينى" للكاتب برناردين فى سانت بيير "وفى سبيل التاج" للكاتب "فرانسو كوبيه". . وهذه القصص جميعًا مليئة بالفواجع وسوء الحظ. والقاص لا يعبأ كثيرًا بتفسير ما يحدث لأبطاله. فاهتمامه الأساسى هو أن يضعهم فى موقف يدعو إلى اليأس. يعرف كيف يفيد منه ليحرك مشاعر قرائه -فقد برع فى مخاطبة المشاعر والعواطف- وقد استخدم اللغة العربية بحرفية تصل إلى حد الكمال فقد كان أسلوبه من الروعة والفخامة، والقدرة على التعبير عن أقوى المشاعر، مثالًا احتذاه الكثيرون من معاصريه وبعض من خلفوه وقد أشاد محمود تيمور فى مقدمة مجموعة القصصية الأولى التى صدرت تحت عنوان "الشيخ سيد العبيط"(١٩٢٦ م) بنقاء لغته وجزالتها. . ومع ذلك يجب أن نشير إلى أن إبراهيم عبد القادر المازنى قد هاجم بافتعال المشاعر واستدرار العواطف وذلك فى كتاب "الديوان" الذى نشره بالاشتراك مع العقاد عام ١٩٢١ م.
وعلى العموم فلئن كانت أعمال المنفلوطى يعاد طبعها باستمرار، فإنها سوف تصبح من غير شك من الآن فصاعدًا من اهتمام التاريخ. والذى يجب أن نذكره لهذا الرجل هو أنه طوّع الأدب الرومانسى "للتربة" العربية.