تمثل ثورة فى علم أصول الفقه. فهو قد كافح بلا كلل ضد المنكرين لتكون السنة المصدر الثانى للتشريع بعد القرآن على أساس ما قد يوجد من تعارض بين الأحاديث، وعدم كفاية الضمانات ضد التزييف والتزوير والخطأ، كما يحدث فى سند الحديث، والذى يجعل الحديث غير صحيح، مستشهدًا بالآيات التى تقرن طاعة الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] بطاعة اللَّه، وبالآيات التى تبين أن الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] قد وهبه اللَّه الحكمة، التى يفسرها بأنها السنة. وهو يستشف من الآيتين ١٠٦ البقرة، و ١٠١ النحل ويحتج بهما ضد المالكية والحنفية على أن النسخ اختصاص مطلق للَّه سبحانه. كما يستند إلى النص {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} بأنه ليس هناك شئ أفضل أو مساو للسنة.
كما يستند إلى الآية ١٥ من يونس {. . . قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ. . .} ليؤكد على أن القرآن والسنة لا يمكن أن يتعارضا، فكلاهما من اللَّه سبحانه. فالسنة تفسر القرآن، ولا تعارضه. فالقرآن لا ينسخ إلا بالقرآن، والسنة لا تنسخ إلا بالسنة.
ويستند البعض لمبدأ إعجاز القرآن، وأن آياته لا يمكن أن تتفاوت فى قدرها لكونها جميعًا من لدن اللَّه، لينفوا النسخ بين آياته، ناهيك عن أن ينسخ بالسنة التى هى بشرية المصدر. ويرد القائلون بالنسخ بأن ذلك ينصب على الأحكام وليس على النصوص، وهى التى يمكن أن تتفاوت. وبنفس المنطق يمكن لحكم من السنة أن يكون أعلى من حكم من القرآن، وهو ما يهدم نظرية الشافعى.
وقد حوت كتابات المفسرين الأوائل على حالات عديدة مما تعتبر متضمنة قدرأ كبيرًا أو صغيرًا من التناقض، الأمر الذى دفع المتأخرين منهم إلى القول بضرورة التمييز بين ما يعتبر تطبيقا حقيقيا للنسخ وبين عدم فهم حكمة ومغزى التغيير فى التشريع. فالتشريع البشرى هو القابل للتعديل لعدم الصلاحية، وهو ما ليس واردًا فى حق التشريع السماوى فاللَّه بعلمه