المذكورة سابقا، فإن استخدام لفظ "آية" فى الآيتين يبين أن المقصود هو الآيات القرآنية [وليس بمعنى "معجزة"]، ومن ثم فإن جواز التبديل، أو حتى المحو سيحدث أثره على النصوص، من ذلك: الآية ٦٦ التى خفضت العدد الذى يستطيع للمسلم أن يحاربه من عدوه من عشرة، كما ورد فى الآية السابقة عليها، إلى اثنين (يسمى هذا فى الفقه "حد الزحف") والآية ١٣ من المجادلة التى ترفع عن المسلمين الصدقة التى تقدم بين يدى الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] المذكورة فى الآية ١٢ السابقة عليها، وآيات تغيير القبلة فى سورة البقرة، والآية ٢ من النور بالنسبة للآية ١٥ من النساء فيما يتعلق بعقوبة الزنا. وقد تناولت دراسات متخصصة عديدة تعد بالمئات، أمثلة على النسخ وأحكامه. فالآية ٥ من التوبة، والمسماة "آية السيف"، قيل إنها نسخت مائة وأربعا وعشرين آية.
والحقيقة ذات المغزى أن الآية ١٠٦ من البقرة، وهى البرهان الأساسى للنسخ، تضع النسيان بجوار النسخ {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا}، مفسرة فى ضوء الآية ١٠١ النحل، بأن ذلك يعنى التبديل، قد أدى إلى أن النسخ يمكن أن يكون لفظا وحكما، أو "تبديل" كما جاء فى آية الحج. وبنفس المنطق يمكن الرد على ما قيل من تعارض بين الآيات أو الأحاديث على أنها نسخ للحكم دون النص.
فيشار إلى تغيير القبلة، من حيث إن القرآن لم يشر للقبلة الأولى وهو ما أدى ببعض الأصوليين إلى القول بأنه نسخ للقرآن بالقرآن، بينما ذهب آخرون إلى أنه مثال على نسخ السنة بالقرآن. كما أشير إلى أنه ليس هناك نسخ بين الآية ١٨٠ من البقرة وآيات المواريث فى سورة النساء، حيث إن الوصية غير المواريث، وآيات سورة النساء تتناول كلا من الميراث والوصية، ولكن الحديث "لا وصية لوارث" قد يؤخذ على أنه نوع من نسخ القرآن بالسنة. على أن أقوى اعتراض على إمكانية نسخ القرآن بالسنة أو العكس ما ذهب إليه الشافعى الذى يجعل من ذلك السمة المميزة لنظريته فى المصادر التشريعية التى