الدين الإسلامى الجديد كان -من ناحية المبدأ- يتسامح مع المسيحيين (ومن بينهم النساطرة) لأنهم أهل كتاب، ثم إن محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] وقع معاهدة مع "سيد" ملك نجران و"أبى الحارث" الأسقف النسطورى لنجران وقد كفلت هذه المعاهدة الحماية للمسيحيين أهل الذمة) فى مقابل أن يدفعوا الجزية، التى أعفى منها القسس والرهبان. وهذه المعاهدة واحدة من سلسلة من المعاهدات التى تنظم العلاقات بين المسحيين وحكامهم المسلمين -وأكثرها شهرة ما يعزى إلى "عمر"(رضى اللَّه عنه). . كما أن النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] كان له موقف إيجابى تجاه النساطرة. وقد التقى بهم فى اليمن، وفى طريق التجارة بين اليمن والعراق ومن بين هؤلاء "قس بن ساعده" من نجران، الذى يقال إن محمدا [-صلى اللَّه عليه وسلم-] سمعه وهو يعظ فى عكاظ.
وبالرغم من أن العلاقة بين المسلمين العرب الذين فتحوا العراق، وبين السكان النساطرة كانت إيجابية بشكل متبادل فى أول الأمر، إلا أن اعتناق الإسلام (وقد وجد أشوعياب الثالث بطريرك الكنيسة الأرمنية "٦٤٩ - ٦٥٠" أنه من الصعب منع القبائل العربية فى الخليج الفارسى من اعتناق الإسلام) والضغوط السياسية على النساطرة وضعف الكنيسة النسطورية أدى إلى انقسامات داخلية. وإذا كان الأمويون فى سوريا قد شجعوا على تعيين الموظفين المسيحيين (وعادة ما يكون من الأرثوذكس الشرقيين -أو الملكيين) ومن ثم عاملوهم بالحسنى، فإن الاستفزازات أدت إلى اضطرابات فيما بين النهرين، فقد تدخل الحجاج بن يوسف (فى العراق ٧٥ - ٩٥/ ٦٩٤ - ٧١٤ م) فى الشئون الداخلية للكنيسة النسطورية وشجع على الفرقة فى داخل تسلسلها الكهنوتى. واستمر هذا الشقاق حتى فى أثناء العصر العباسى، حتى أنه كان يتم تعيين اثنين من الأساقفة من جانب البطاركة المتنافسين. ولاشك أن هذا الانقسام فى داخل الكنيسة كان سببا فى تزايد أعداد الذين يتحولون إلى الإسلام، يضاف إلى ذلك أن هارون الرشيد (١٧٠ - ١٩٣ هـ/ ٧٨٦ - ٨٠٩ م) والمتوكل (٢٣٢ - ٢٤٧ هـ/ ٨٤٧ - ٨٦١ م) قد طبقا بشدة وصرامة القيود التى فرضت على