بن حزم وبدون تردد بالعقل كمصدر للمعرفة -فالعقل من خلق اللَّه وقد زوده بإمكانياته. فليس التقليد (الاعتقاد الأعمى) أو الاستنتاج من المجهول (القياس) هما اللذان سيؤديان بالعقل إلى تقبل (القرآن والسنة والإجماع)، بل المعرفة المؤكدة.
ولم يكن هناك شئ آخر يصر عليه ابن حزم بهذه القوة، وليس هناك طريق لليقين سوى أن ترجعه للإدراك بالحواس (الحس) وإلى حدس الذكاء (العقل). . وهو يفضل الإدراك الحسى حتى أنه يطلق على القدرة على الفهم بالعقل مصطلح "الإدراك السادس"(كتاب الفصال - القاهرة - ١٨٩٩) ويذكرنا الموقف الفلسفى لابن حزم بالانتقادية الهيلينية التى تقول إن كل معرفة تنشأ إما من الإدراك الحسى أو الحدس أو تستخلص من هذه المصادر بوسيط البرهان.
ومع ذلك فالكثيرون يؤكدون بيّنة (دليل) الإدراك الحسى {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} صدق اللَّه العظيم - سورة يونس الآية ١٠١، ويعتبرون منهج البرهان صعب وغير مؤكد، ومن ثم كان التركيز على الاتفاق العام (الإجماع والاجتماع) كمعيار ممكن للحقيقة، وعندما لا يكون هناك اتفاق فهنا فقط يكون البحث والاستقصاء ضروريا.
وقد أدخلت تعديلات كثيرة جدًا فى الفكر الإسلامى المزدوجة لأصحاب المذهب الانتقائى (الحواس مقابل العقل) وذلك بإدخال الأحدية (الحقيقة كل عضوى واحد) العقلية أو الفكرية فى صوفية "باطنية" الأفلاطونية المحدثة والمنطق الأرسطى.
وإذا كانت المراحل المختلفة للمعرفة البشرية قد تميزت كل منها عن الأخرى، فإن المعرفة الحقة كان لابد أن تأتى من الحدس المنطقى والنشاط الوسيط