يجب أن تكون دلائلها مقبولة ولكن سبيل التأمل والإثبات يؤدى إلى اللاواضح الذى يبلغ ذروته فى الدليل الدامغ (أو البرهان) فى كتاب Posterior Analyhes ومن هذا السُموّ يمكن أن نتفحص فروع المعرفة. والمنطق فى حد ذاته بالطبع "نظر" ذو هدف خاص به ويتحدث الفارابى عن علوم الطبيعيات والرياضيات - والميتافيزيقيا بفروعها الرئيسية والثانوية. ويقول إن كلا منها نظرى. فمثلا نلاحظ أن الطب من بين علوم الفيزياء مزيج من النظرى والعملى، وكذا الموسيقى والموضوعات الرياضية. أما الميتافيزيقيا فهى مثل النطق نظرية خالصة. وأخيرا فإن العلوم العملية الثلاثة عند أرسطو وهى الأخلاقيات (الأخلاق) والاقتصاد والسياسة فتتحد تحت مسمى العلوم السياسية، ويضاف إليها الفقه والكلام. ويرى الفارابى أن علم الفقه وصناعة الكلام يجب أن ترتبط فى جزء منها بالآراء وفى الجزء الآخر بالأفعال وفى الختام نعقد مقارنة بين هذا التقسيم الفلسفى وبين ما ذهب إليه الفقيه الأشعرى عبد القاهر بن طاهر البغدادى (المتوفى فى عام ٤٢٩ هـ/ ١٠٣٧ - ٨ م) فى كتابه أصول الدين (استانبول ١٩٢٨ م) فيعد التمييز بين المعرفة الإلهية، والمعرفة التى تمتلكها المخلوقات الحية الأخرى، تصنف هذه الأخيرة على النحو التالى:
١ - ضرورى (واضح بشكل مباشر):
أ- بديهى (إدراك داخلى) ب- حسى (إدراك خارجى).
٢ - مكتسب (علوم نظرية)
أ- عقلية شرعية (مكتسبة بالعقل ومكتسبة بالقانون)
ثم تنقسم العلوم النظرية بعد ذلك إلى ربعة حسب الطريقة التى اكتسبت بها:
١ - استدلال بالعقل من جهة القياس والنظر (فقه تأملى).