وكان بنو هوّارة يعيشون فى بلاد أياس أى طرابلسى من أقاليم الروم مع غيرهم من القبائل البربرية ومثل "نفوسة" و"زناتة" و"لواتة" زمن الفتح الإسلامى، وهذا ما يذهب إليه كل من ابن خرداذبة والمسعودى. على أنه يبدو أن جماعات كثيرة من هوارة غادرت طرابلس وانتشرت فى الشمال الإفريقى وذلك فى العقود الأخيرة من القرن الأول للهجرة، أعنى زمن فرار البربر من وجه الغزاة وأخذوا فى الاستقرار فى غرب افريقية والمغرب تحت قيادة كُسَيلة ومن بعده الكاهنة. ثم تلت ذلك موجة بربرية غير هاتين الموجتين زمن فتنة الخوارج وذلك حوالى سنة ١٢٢ هـ (= ٧٤٠ م)، وقد شارك فى هذه الموجة الأخيرة كل البربر على وجه التقريب، ويلاحظ أن الهوارة الذين اعتنقوا الإسلام فى أواخر القرن الأول ومستهل الثانى الهجرى اعتنقوا عقائد الخوارج وأصبحوا من الصفوية والأباضية والنّكّارية وشاركوا فى كل ثورة من ثورات هذه الطائفة بدءًا من الصفوية بقيادة عكاشة وعبد الواحد الهوارى ثم ثورة أبى الخطاب عبد الأعلى بن السِّمْح المعافرى الأباضى وانتهاءً بثورة أبى يزيد مخلد بن كَيْداد، وحدث فى أثناء هذه الفترة أيضًا أن بعض بنى هوارة (الذين اعترفوا بسلطان الأمراء الأغالبة) استقروا فى صقلية، إلى جانب هجرات أخرى لهم إلى غيرها، وقد أقرّ غيرهم إقرارًا اسميا بسلطنات أسر شمال افريقية المسلمة الكبرى بل وبحكومة الأندلس، كما أن بعضهم كوّنوا لأنفسهم ومن بين أنفسهم حكومات مستقلة، ثم تسرّب إليهم الضعف قرب منتصف القرن الرابع بسبب ضغط الفاطميين عليهم، ثم ازداد هذا الضعف وضوحًا فى القسم الأول من القرن السابع الهجرى زمن الأمير أبى زكريا الحفصى فلم يعد لهم أى شأن فى مسيرة الأحداث السياسية، وما إن جاء عصر ابن خلدون حتى كان الجانب الأكبر من بنى هوارة البدو قد اندمجوا فى قبائل العرب الرعاة