وقلدوهم فى لغتهم وأسلوب حياتهم، بل لقد دفعوا لهم وللحفصيين الجزية، أما الهواريون الذين كانوا يعيشون فى المغرب الأوسط فقد فقدوا طابعهم الحربى الذى امتازوا به حينا وأدّى إلى انتصاراتهم، ثم تفرقوا أيدى سبأ كما يقول ابن خلدون، ولم يشذ عن هؤلاء سوى هوارة مراكش الذين كان لهم وضع يمتاز عن بقية اخوانهم بالعظمة لاسيما فى اقليم "تَمِسْنَا" حيث أصبحوا من أقوى الجماعات فيه، كذلك نلاحظ أن ثار كثير من قبائل هوارة التى كانت فى السابق تتبوّأ قبائل الذروة فى القوة، ونستعرض الآن هوارة فيما بين القرن الثالث والعاشر للهجرة (التاسع والسادس عشر الميلادى)، فنستمد من ابن خلدون أنهم استقروا فى زراعة الأراضى الممتدة ما بين الاسكندرية ومصر القديمة، كما أن طائفة أخرى من هوارة برقة هؤلاء قد ساهموا مع الجيش الفاطمى فى فتح مصر سنة ٣٥٨ هـ (= ٩٦٩ م) وأقطعهم الخلفاء الفاطميون جهات قاموا فيها بأدوار سياسية معينة.
أما فى طرابلس التى كانت مهد هوارة القديم منذ منتصف القرن الثانى فتعرف "بأرض هوّارة" وتجرى حدودها الشرقية عبر "تَوَرْغة" و"ودّان" حتى تبلغ "زالة" التى كانت تتبع فى العصور السالفة "مزاته" جيران هوارة الشرقيون، أما حدّها الشرقى فكان يمر عبر طرابلس، التى كان أحد أبوابها يُعرف بباب هوّارة، ويسكن فى القسم الجنوبى منها هوارة طرابلس". ومن بين قبائل هوارة التى تسكن "أرض هوارة" كانت قبيلة "قَرقوزة" أما بنو "مصراته" فكانوا ينزلون المنطقة الساحلية من بلاد هوارة الذين اهتموا بالمتاجرة مع مصر كما يقول ابن خلدون وليو الإفريقى كما تاجروا مع بلاد الجديد وبلاد السودان، ويشير المؤرخون الإباضيون فى القرن الثانى الهجرى إلى وجود قبيلة "مليلة" فى إقليم طرابلس، كما يذكر ابن عبد الحكم أن إقليم "لبدة" كانت تنزله قبيلة "مصلاته" التى كانت ذات شأن بارز فى القرن العاشر الهجرى، وإذا