للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لم يرد فى الحديث عن إغواء الشيطان، فى هذه الآيات، أن الإغواء كان لزوج آدم وحدها، بل كان الإغواء -حسبما ورد فى القرآن- إما لآدم وزوجه, وإما لآدم نفسه؛ وهكذا نجد فى الآيات: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ}. و: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا} ... {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا} ... الآيات، فإغواء الشيطان، كما هو صريح هذه الآيات، لهما؛ لا لحواء وحدها ولا لحواء أولا.

وقد تذكر الوسوسة لآدم وحده كما فى سورة طه: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ} .. الآية؛ وهكذا نرى بحق ألا يضاف إلى القرآن شئ من إجمال أو تفصيل عن حواء وإخراجها آدم من الجنة، و ... و ... مما يقال به عن رأى القرآن فى المرأة؛ كما لا يضاف إلى القرآن شئ من إجمال أو تفصيل عن بقية الأساطير المتصلة بهذه القصة، كالذى كتب على الحية أن تزحف على بطنها، بعد أن كانت دابة جميلة من ذوات الأربع.

ومهما تكن تلك الأساطير قد وجدت مكانا، بل مكانا فسيحا، فى كتب التفسير الإسلامية، فليس يسوغ لعالم يبحث أن يورد الآيات التى عدها الكاتب من سورة البقرة، والأعراف، والحجر، والإسراء، والكهف، وطه، وص، شواهد على إغواء إبليس لحواء؛ ثم يورد معها بعد ذلك ما ذكره من تفاصيل هذا الإغواء المزعوم.

-٢ -

فساد المنهج بالغرض

قال الكاتب: "وقد جمع النبى فى هذا المقام بين قصتين: قصة خلق آدم، وقصة غواية حواء فى الجنة"، وواضح ما فى هذا التعبير من أن الأمر من صنع النبى؛ وهو ما نرى التعرض له هنا مما لا يجيزه البحث العلمى ولا يحتمله منهج التفكير والتناول السليم، دون نظر ما إلى أى اعتبار ديني، أو شعور تعصبى؛ فكما أنا لا نريد من الكاتب أن يقرر عقيدة الإسلام فى أن هذا القرآن موحى من الله، كذلك لا نقبل