للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الذى أقامه محمد - صلى الله عليه وسلم - على أساس الدين، وأنهم أحلوا الملك محل الخلافة. وفى هذه التهمة نجد صدى الروح الدينية التى لا تجعل السلطان على الأرض إلا لله.

وفى الحق أن نظام الحكم العربى، حتى أيام أبى بكر وعمر، كان بعيدا عن الانطباق على المثل الأعلى للحكم الدينى الذى وضعته المذاهب الفقهية فيما بعد. وقد أبان هذه الحقيقة لامانس وكايتانى فيما كتبا من بحوث. غير أن هذين الصحابيين الجليلين كان لهما مكانة عظيمة. فحال ذلك، فى أول عهد الخلافة، دون نشوء نظرية دستورية تعارض النظام القائم، وإن لم يفلح فى إسكات المعارضة التى تركزت فى على ابن أبى طالب. فلما جاء عثمان كان حكمه دليلا على الانتصار الصريح لحزب بنى أمية الذى تحيّف من حق السابقين الأولين إلى الإسلام. وهنا فقط بدأ الناس يلاحظون الأمر الواقع الذى كان يخالف الحق، والذى هيأ لأولئك الذين ناصبوا الإسلام العداء عند بدء دعوته، أن يقطفوا هم ثمار هذا الدين الجديد. وكان الناس يعتبرون ذلك خروجاً على "حقوق الله" قضى به أصحابه على العمل الذى وضعه النبى - صلى الله عليه وسلم - وتنكروا له.

ويسهل علينا أن نرى أن اتفاق الرأى على مقاومة النظام الجديد قد جمع بين الغضب الذى كان يجيش فى نفوس أهل الورع من أبطال الدين الفتى وشهدائه، وبين مطامح إيجابية لقوم حاولوا أن يحفظوا لأسرة النبى - صلى الله عليه وسلم - وأهله المقام الممتاز الذى جعله لهم مؤسس الدولة الجديدة التى تقوم على أساس من الدين. وقد وجد الذين كانوا يريدون أن يجعلوا شرعية الحكم مستمدة من الدين، وكذلك الذين كانوا يرون أن شرعية الحكم مقصورة على أسرة النبى - صلى الله عليه وسلم -، وجد هؤلاء وأولئك فى على بن أبى طالب بطلا يؤيدونه جميعاً. وكان لعلى أن يزهو بنجاح مبدئى عندما بويع بالخلافة فى المدينة، ثم تغلب على الكوفة واحتلها، وسرعان ما أحرز النصر فى البصرة على طلحة والزبير وعائشة الذين اتحدوا عليه، وكذلك تغلب حزبه فى مصر، وخيل