وأحرقت عدة مرات في السنوات الأولى من القرن الحادي عشر، واستخدمت فيما بعد محجرًا حتى عهد قريب، ولكن لا يزال فيها جانب من الأوجه الحجرية والرخامية لجدران كثير من الحجرات، والعديد من الأعمدة والتيجان من المواد نفسها، ورصف من الحجر والرخام والآجر. ووجه هذه المباني الرائع الزخرف عهد به إلى صناع مهرة بعضهم جاء من شرقي البحر المتوسط، صحيح أنهم كانوا على درجة مختلفة وأساليب فنية متباينة في أشغال الحجر والرخام، بيد أنهم كانوا بصفة خاصة عارفين بالخصائص العامة للنقوش البارزة ذات البعدين التي تعتمد على وحدات زخرفية نباتية (هناك بعض الوحدات الزخرفية الهندسية البسيطة القليلة التي ترجع إلى أصل بوزنطي) ومعظمها لم يبعد كل البعد عن موضوعات الكروم. وشوك اليهود التي اشتقت منها. وهناك قاعة فخمة اكتشفت عام ١٩٤٤، والعمل يجري حاليا في إعادة بنائها؛ لأنه وجد بين أطلالها كثير من النقوش البارزة من الأوجه المزخرفة للجدران الداخلية، وقد زخرفت منذ ٣٤٢ هـ إلى ٣٤٥ هـ (٩٥٣ - ٩٥٧ م).
واشتغل الصناع المهرة أنفسهم الخارجون من قصور الزهراء في توسيع المسجد الجامع في قرطبة، وهذا العمل الذي شرع فيه الحكم الثاني قد بدئ في تنفيذه عام ٣٥٠ (٩٦١ م)، وأكمل الجانب الرئيسي منه عام ٣٥٥ هـ (٩٦٦ م) وكان لصناع الفسيفساء الذين طلبوا من إمبراطور بوزنطة فضل في زخرفته؛ وهناك أثر شرقي ملحوظ في القبوات الأربع للعقود المتقاطعة في الامتداد على الرغم من أنه لم يكتشف بعد في الشرق نموذج يضارعها تم في تاريخ أقدم منها.
والراجح أن الزيادة في ارتفاع جدران بعض النوافذ لإفساح المجال لإقامة مشكاوات قد أخذ عن مساجد إفريقية في القرن التاسع على الرغم من أن عقود هذه المساجد من أصل بوزنطي. والعقود المتقاطعة بالتساوي في المسقط الأفقي وليس في الفراغ هي مخرمات مكشوفة تحمل القباب بأسلوب فني في الإنشاء عبقري بارع. وبعض العقود