المتوجة من أصل عباسي، وهناك أيضًا عدد من العقود المنقوصة. وأصبحت العقود المتوجة منذ ذلك الوقت تتصل بعقود متقاطعة، وهذا هو أحد الموضوعات المحببة في الفن الأندلسيّ، وكانت تستخدم للزخرفة فحسب جريًا على عمل شائع في الفن الإسلامي بأسره غير أنه بلغ أوجه في الأندلس.
وفي هذا التوسع الذي يرجع إلى عهد الحكم الثاني والذي يعد في الواقع مسجدًا جديدًا ملاصقا للمسجد الأولى، أشكال زخرفية خارقة في روعتها ممتزجة ببريق وهاج من الألوان تغطي الجدران والقبوات المصنوعة من الفسيفساء الجياشة بالحياة، مع "توريقات" عربية نحت معظمها في الصخر وطلى مهدها باللون الأحمر وعليه نقوش بضروب أخرى من اللون الأزرق، ورخام معرق في الأعمدة وقواعدها. ومسجد الحكم الثاني -مثل قاعة عبد الرحمن الثالث في الزهراء- شاهد على فن يستخدم موارده إلى أقصى حد، فن بلغ الذروة، فن يعبر عن عظمة الخلافة في قرطبة تعبيرا لا نجد له نظيرًا في الغرب المعاصر له.
والتوسيع الثالث والأخير الذي طرأ على هذا المسجد الجامع هو الذي شرع فيه المنصور الواسع النفوذ وزير هشام الثاني، وقد نفذ بين عامي ٣٧٧ و ٣٨٠ هـ (٩٨٧ - ٩٩٠ م). وحافظ على وحدة الكل بتكرار دعامات العقود والعقود المتشابكة وبنائها على غرار المنشآت الأصلية دون إضافة آية سمة جديدة، ولكن هذا التوسع جاء دون الأصل فخامة وطرازا. وتكشف الأبواب عن عمل بذل لتوحيد الأساليب الفنية المختلفة للزخرفة التي تظهر بوضوح في مدينة الزهراء، وإن كانت النتيجة تثير في النفس الكآبة والملل.
ولا تزال هناك آثار قليلة للعمل الذي تم خلال عهد ملوك الطوائف في السنوات الأخيرة من القرن الخامس الهجري (القرن الحادي عشر الميلادي). وتدل النصوص والآثار التي بقيت على أن التقسيم، في المساجد إلى مقصورات عمودية على جدار القبلة مع التوسل بعقود على هيئة حدوة فرس مقامة على أعمدة، يتكرر. وقد جنح أمراء الطوائف إلى تشييد القصور أكثر من جنوحهم