لأقاربه، ومكن أحد قواده -وهو قراقوش- لنفسه على تخوم بلاد تونس.
واستطاع صلاح الدين، بفضل القوة التي نشأت بهذه الوسيلة، أن يفيد من الأزمة الداخلية التي تعرضت لها مملكة بيت المقدس، والصعوبات التي واجهتها الإمبراطورية البوزنطية، والتوتر الذي دب بينه وبين اللاتين منذ عام ١١٣٨ م، وأخذ على عاتقه طرد هؤلاء من فلسطين والشام. ونجاحه في هذه المهمة كان له الفضل الأكبر في المجد الذي بلغه بين أهل زمانه وبين الخلف على السواء. فقد هزم الفرنجة هزيمة ساحقة في وقعة حطين عام ٥٨٣ هـ (١١٨٧ م) وعادت بيت المقدس بعد ثمانين عاما إلى أيدى المسلمين وسقطت أراضى الصليبيين بأسرها تقريبا ومنها قسم كبير من الساحل في الشهور التالية، ولم تصمد أمامه إلا صور وطرابلس وأنطاكية.
كان سلطان صلاح الدين يستند إلى قوة الجيش، وكانت سياسته كلها في حاجة إلى جيش قوى. ولم يعد هناك وجود لجيش الفاطميين اللهم إلا فرقا من الجند غير النظاميين، ولم يكن بد من أن يعتمد على الجيش التركى وهو دخيل على شعب مصر تماما، ورثه صلاح الدين عن نور الدين وطوره على حساب موارد مصر. وكان الجيش المصري يتألف عام ٥٧٧ هـ (١١٨١ م) من ١١١ أميرا و ٦.٩٧٦ طواشيا (فرسانا مجهزين بكامل العتاد) و ١.١٥٣ قرة غلام (فرسان من الطبقة الثانية)، وهذا عدا سكان الحدود من العرب الذين لا يصلحون للقتال في الغزوات الخارجية (H.A.R. Gibb Cahuers d'Historie Egyptienne, The Armies of Saladin، مجلد ٣، جـ ٤، سنة ١٩٥١، ص ٣٠٤ - ٣٢٠).
ولابد أن يضاف إلى هذا الجيش فرق الجند من الشام وبلاد الجزيرة، وتشمل فرق الموصل، وهي القوات التي نصت عليها المعاهدة التي عقدت بعد انتهاء الحروب بين عامي ١١٧٤ و ١١٨٣ م ورخصت لصلاح الدين باستدعائها عند الحاجة، وهي تربو في مجموعها على ٦٠٠٠ رجل. وجدير بالذكر أن صلاح الدين انتصر في وقعة حطين وهو يحارب بكل قواته تقريبا