التي كانت تناهز ١٢.٠٠٠ من الفرسان وقد حقق بها انتصاراته التالية. بيد أن حشد مثل هذه الجيوش في حالة تأهب للحرب فترة طويلة لم يكن ميسورا في العادة، مثلها في ذلك مثل الجيوش الأوروبية، نظرا لاحتياجات الجنود المتجددة من الأغذية والمؤن وكان لا بد من بذل جهود كبيرة والاقتناع بالغاية من القتال للحفاظ على القوة الفعالة التي لا غنى عنها لخوض غمار الحرب الصليبية الثالثة. وكانت المعدات اللازمة للحرب والحصار -والتي ازدادت كما وكيفا فيما يرجح- قد حظيت بالاهتمام أيضًا، ويتضح ذلك من الرسالة الخاصة بصناعة المدافع التي كتبها مُرْضَى (أو مَرضى) بن علي ووصلت إلينا (تحقيق CL. Cahen في B.Et. Or.، جـ ١٢، سنة ١٩٤٨، ص ١٠٨ - ١٦٣).
وكان صلاح الدين في السنوات الأولى من حكمه مهددا من الأساطيل البوزنطية والنورمندية والإيطالية التي تستخدم القواعد المنتشرة في الشرق اللاتينى، فبذل جهدا كبيرا لإعادة إنشاء الأسطول البحرى للفاطميين في البحر المتوسط بعد أن أصيب بالعطب في القرن السادس الهجرى (الثاني عشر الميلادي) نتيجة للاضطرابات الداخلية وتقدم الصليبيين والإيطاليين. وتمكن بفضل هذه الجهود من شن هجمات على أقرب موانى الفرنجة، ولا نستبعد الرأى القائل بأن توسع قراقوش في الزحف على طول الساحل الإفريقى، كان يستهدف- علاوة على إيجاد مخرج للتخلص من التركمان المشاغبين - السيطرة على الشواطئ لإتاحة التنقل بحرية لسفن المسلمين، وتيسير الحصول على مصدر يمده بالأخشاب والبحارة.
وجاءت الحرب الصليبية فوضعت حدا لهذا الجهد الذي لم يؤت ثماره بسبب نقص كفاءة مصر في هذين المجالين الأخيرين، ويبدو أن خلفاءه لم يكرروا هذه المحاولة (A. S. Ehrenkreutz: The Place of Saladin in the naval history . etc في Jaos مجلد ٧٥، جـ ٢، سنة ١٩٥٥، ص ١٠٠ - ١١٦).
ولم يكن الاهتمام بالمصالح التجارية هو الدافع الوحيد لصلاح الدين بعد توليه السلطة إلى تجديد وزيادة