بنقدهم سكة جديدة تتفاوت فيها الدنانير الذهبية والدراهم في الوزن ويتعذر الحصول عليها بقيمة محددة، بيد أن عبء النفقات وتدهور الدخل الذي كان أولًا وقبل كل شيء نتيجة للاضطرابات، ونفاد الذهب المصري وخطورة الطرق المؤدية إلى مناطق الذهب السودانى بسبب سيطرة الموحدين عليها أدت إلى عدم استقرار معيار الدينار وإلى سك دراهم تحتوى على كميات متفاوتة من خليط المعادن إلى جانب الدرهم المصري الشرعي (وكان يحتوي على ٣٠ % من وزنه فضة ويعادل ١/ ٤٠ من الدينار). ونشأ ذلك بطبيعة الحال اختفاء العملة السليمة. وعاش صلاح الدين ثم العزيز على القروض التي حصلا عليها من التجار والأمراء، صحيح أنه يمكن الدفاع عن هذه السياسة بأن في الإمكان على المدى الطويل إعادة الاستقرار المالى بفضل المكاسب التي تجنى من الحرب، بيد أن هذا الحساب، إذا كان قد وضع في الاعتبار، قد ثبت خطؤه نتيجة للحرب الصليبية الثالثة (انظر Contribution to the: A.S. Ehrenkreutz Knowledge of the fiscal administration of .. .Egypr في BSOAS، مجلد ١٥؛ جـ ٣، سنة ١٩٥٣، مجلد ١٦، جظ ٣، سنة ١٩٥٤؛ The Standard of fineness of gold .. coins in Egypt في JAOS مجلد ١١٤، جـ ٣، سنة ١٩٥٤, - The Crisis of the di , nar in the Egypt of Saladin في المصدر المذكور، مجلد ٧٤، جـ ٣، سنة ١٩٥٦).
ومن النتائج التي أدت إليها سياسة صلاح الدين قيام حلف من القوات الغربية لإنقاذ الشرق اللاتينى انضمت إليه المدن الإيطالية نفسها التي أثار مشاعرها العدائية قفل الموانى الشامية في وجهها. وأخيرا نستطيع القول بأن الفرنجة إذا كانوا لم يستطيعوا استعادة بيت المقدس فإنهم استعادوا على الأقل الجانب الأكبر من الساحل الشامى الفلسطينى، كما أنهم وضعوا أيديهم على قبرص التي أمدتهم من يومها بقاعدة بحرية آمنة وملاذ يستطيعون الانسحاب إليه. وإذا كان صلاح الدين لم يهزم قط فإنه إزاء الجهد الضخم الذي بذله خلال سنتين بطولهما؛ رأى أنه