وخصوم الأشرف والكامل من أهل الجزيرة واستطاع آخر الأمر أن يستولى على أخلاط بعد أن تعرضت للسلب والنهب بصورة فظيعة (١٢٢٩ م). ثم غزا خوارزمشاه آسية الصغرى، وكان الأشرف يزود السلطان السلجوقى بالمدد. وفي هذه المرة لقى الغازى هزيمة ساحقة قرب أرزنجان سنة ٦٢٨ هـ (١٢٣٠ م). وكان ثمة أسباب أبقى للاحتكاك بين السلاجقة والأيوبيين، ذلك لأن مصالح البيتين تعارضت من قبل في ديار بكر في عهد صلاح الدين. ولم يعد هناك مفر من الصدام في القرن الثالث عشر بعد نمو قوة السلاجقة وسعيهم إلى الانتقال من جبالهم والانتشار في سهول بلاد العرب من شمالي الشام إلى ديار بكر واستطاعوا تحقيق ذلك كلما سمحت الظروف، إما بمهاجمة الأيوبيين في عقر دارهم أو بالوقوف إلى جانب الحكام من فرع البيت في حلب لحمايتهم من أبناء عمومتهم في مصر، وأرسل الأشرف حملة لمساعدة كيقباذ، وتصور الكامل على إثرها أن فتح الجزء الشرقي من بلاد السلاجقة أمر ميسور، فحشد جيشا ضم كل قوات الأيوبيين وغزا هذا الجزء عام ١٢٢٣ م. وكان للجهل بطبيعة البلاد وافتقار بعض من أسهموا في هذه الحملة إلى الحماسة أكبر الأثر في فشل المشروع. وانتزع جيش السلاجقة من بعد آمد من خلفاء الكامل (سنة ١٢٤١ م) بعد أن انتزع من أعوان الأشرف أطلال أخلاط.
وأخيرا نجد أن الأعداء من المسيحيين كانوا يتربصون، فقد كان لا مناص من محاربة الكرج في البلاد المجاورة لأخلاط بالذات والفرنجة أنفسهم بطبيعة الحال. واستخلص الأيوبيون في الحالة الأخيرة من الحرب الصليبية الثالثة درسا أملى عليهم سياسة تتعارض مع سياسة صلاح الدين. وكان الهدف من هذه السياسة المحافظة على السلام والكف عن القيام بأى عمل عدائى نظرا للمزايا الاقتصادية التي تعود عليهم إذا حل الصفاء والوئام محل الخصام من جهة، ولسد الطريق أمام أي ذريعة ينتحلها الأعداء لشن حملات صليبية جديدة في المستقبل من جهة أخرى. صحيح أن الحملات الصليبية لم تتوقف، ولكنها لم