أشخاصا مدحهم وهجاهم، ولكنه كان يصدر في أحوال أخرى عن بواعث غير انتظار الهبة، مثال ذلك مدحه لابن طولون فإنه لم يكن لاعتبارات شخصية فحسب، وإنما كان لبواعث سياسية أيضًا، وقد هجا من لداته الشعراء على بن الجهم (جـ ٢، ص ٨٨, ٩٩, ١٠٧) والحسن بن رجاء (جـ ٢، ص ١٠٧) بينما كان حسن الصلة بالشاعر دعْبِل (جـ ٢، ص ١٧٧). وهاجم النحاة في إحدى قصائده (جـ ٢، ص ١٣٢) وهجا النصارى في أكثر من موضع (جب ٢، ص ٩٦, ١١٢).
والنقاد يضعون البحترى مع أبي تمام والمتنبي كثالث الفحول الثلاثة في العهد العباسى، وقد خاض هؤلاء النقاد في موضوع الموازنة بين البحترى وأبي تمام. ويقول شاعرنا إن جيده أقل من جيد أبي تمام ورديئه أحسن من رديئه. ويخصص المسعودى عدة صفحات من كتابه للبحث في هذا الموضوع، كما فصل الكلام فيه الحسن بن بشر الآمدى في كتاب عنوانه "الموازنة بين أبي تمام والبحترى" وهو يهم بتحيزه الظاهر للبحترى. أما النقاد الغربيون فهم على الأرجح يرون أن البحترى أقل تالقًا من المتنبي وأكثر شاعرية من أبي تمام بكثير.
وينسب صاحب الفهرست للبحترى غير ديوانه كتاب معاني الشعراء وكتاب الحماسة ومنه مخطوط في ليدن نسخ ونشر عام ١٩٠٩ م وطبع الديوان في الاستانة عام ١٣٠٠ هـ اعتمادا فيما يظهر على مخطوط يرجع تاريخه إلى عام ٤٢٤ هـ، وهذه النسخة مرتبة بأسماء الأشخاص والأسر الذين قيل الشعر فيهم، ولو أن هذا الترتيب لم يكن مرعيا على الدوام، وفي مكتبة فينا نسخة مشابهة لهذه (فهرس، جـ ١، ص ٤٣٦). ورتب الصولى القصائد على حروف المعجم، ويوجد جزء من هذه النسخة في مكتبة ميونخ (رقم ٥٠٨) ويقال إن علي بن حمزة الأصفهانى رتب القصائد على الموضوعات ترتيبًا بارعًا (ياقوت معجم الادباء، جـ ٥، ص ٢٠٠، الفهرست، ص ١٦٥). ويسمى الديوان أحيانا باسم "سلاسل الذهب" وقد طبعت فقرات من شرح أبي العلاء