"الرب" لغة أهل اليمن لا تنافى هذا، فاليمنية عربية، وكثير من الألفاظ التي تفردت باستعمالها عرفت قبل الإسلام في مضر، وقليل منها لم يعرفه سائر العرب، ثم عرف بعد، وكلها لغة واحدة.
هذا إلى أنى أدهب إلى ما ذهب إليه الشافعي وأبو عبيدة: أنه ليس في القرآن كلمة واحدة غير عربية، حاشا الأعلام. وانصر هذا القولَ وأجزم بأنه الحق، وإن خالفتُ فيه كثيرًا من الأصوليين واللغويين.
قال الشافعي في [كتاب الرسالة](في الفقرات ١٣١ - ١٣٦، ص ٤١ - ٤٢ من طبعة الحلبى بتصحيحى):
"فالواجب على العالمين ألا يقولوا إلا من حيث علموا. وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه لكان الإمساك أولى به، وأقرب من السلامة له، إن شاء الله. فقال قائل منهم: إن في القرآن عربيا وأعجميا. والقرآن يدل على أن ليس من كتاب الله شيء إلا بلسان العرب. ووجد قائل هذا القول من قَبِل ذلك منه، تقليدًا له، وتركًا للمسئلة له عن حجته، ومسئلة غيره ممن خالفه، وبالتقليد أغفَل من أغفل منهم، والله يغفر لنا ولهم".
وبعد أن أقام الحجة لقوله، وردّ قول مخالفيه، اعتذر عن بدء كتابه بهذا البحث، وقال (في الفقرة ١٧٠، ص ٥٠):
"فكان تنبيه العامة على أن القرآن نزل بلسان العرب خاصة: نصيحة للمسلمين، والنصيحة لهم فرض لا ينبغي تركه، وإدراك نافلة خير لا يدعها إلا من سفه نفسه، وتركَ موضعَ حظه، وكان يجَمع مع النصيحة لهم قياما بإيضاح حق، وكان القيام بالحق ونصيحة المسلمين من طاعة الله، وطاعة الله جامعة للخير".
وقال أبو عبيدة، فيما نقله عنه أبو منصور الجواليقى في [كتاب المعرب](ص ٤ من طبعة ليبسك سنة ١٨٦٧):
"من زعم أن في القرآن لسانا سوى العربية فقد أعظَمَ على الله القول".
بقيت الشبهة من أن في اللغة السامية كلمة "بَعَل" بمعنى مالك الشيء.
وأما وجود الكلمة في اللغة السامية، فإنه لا يدل على نقلها منها إلى العربية.
وليس اشتراك أصل مادة في لغتين متجاورتين متقاربتين كالسريانية مع