للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلمة إسكى معناها بالتركية قديم. وإن كانت هذه التسمية لم تنشأ إلا منذ عهد قريب، فقد جرت العادة بأن تسمى الأطلال باسم المدينة الشهيرة التي تجاورها، وشاهد ذلك قولنا إسكى موصل. ويطلق اسم بغداد على مكان آخر فقط في المشرق هو تل بغداد في الجنوب الشرقي من الرها أسفل خط عرض ٣٧ شمالا.) Reise in Syr.: Sachau u. Mesop، ص ٢١٦).

وأجمع كتاب العرب على أن المنصور لم يشيد مدينته في إقليم خلو من السكان، وذكروا بيانا كاملًا بأسماء محلات جاهلية أخذت تندمج تدريجًا في الأماكن التي شملتها العاصمة العباسية فيما بعد. وكانت بغداد أهم هذه الأماكن، وهي قرية نصرانية من أعمال بادوريا على الضفة اليسرى لدجلة، ويلوح أنها كانت تشمل المدينة المدوّرة التي بناها المنصور، كما أنها أضحت نواة لحاضرة العباسيين الجديدة، بل إن بغداد قد أخذت اسمها الشائع منها. ويجب أن نبحث عن معظم المحلات القديمة التي كان جل سكانها من النصارى الآراميين في النصف الجنوبي الذي أصبح فيما بعد الجانب الغربي للمدينة التي على الضفة الغربية لدجلة، في نطاق الحى الكبير الذي به السوق الكبيرة، أي في الكرخ وما جاور الكرخ شرقا وغربا. وفي هذا الإقليم قرى أصلها ساسانى نذكر منها ما يلي: بيَاورَى أو بَناوري ويال وشَرْوانية؛ وسونايا (وقد أصبح اسمها فيما بعدَ "العَتيقة")؛ ووَرْدانية؛ وورْثال أو ورْثالا.

وأخذت مدينة الكرخ اسمها من قرية قديمة سابقة لها في العهد أسسها الملك الساسانى سابور الثاني الذي حكم من عام ٣٠٩ إلى ٣٧٩ م. وكلمة الكرخ تقابل في الآرامية كلمة كرخا ومعناها مدينة.

وكانت "بَراثا" التي على مسافة من الشمال الغربي للكرخ بليدة قائمة بذاتها قبل عهد العباسيين، ولكن الجانب الغربي من بغداد اتسع بمرور الزمن فاحتضنها. وكانت قريتا الخطابية والشَرفانيّة موجودتين في النصف الشمالي من هذا الجانب قبل أن يحل عهد المنصور. وقد عرف هذا النصف فيما بعد بحى الحربية.