ويثبت؛ ونخالف مقررات كبرى -وبخاصة في البلاغة المتفلسفة- ونضيف إضافات جديدة، حتى نصل البلاغة بالحياة، ونمكنها من التأثير الصالح فيها، وإذا تم ذلك كان تسهيل الدرس أمرا هينًا يسير التحقيق، فلنا إذ ذاك أن نؤلف من الكتب ما نشاء، ونعرض الموضوعات ونتناول المسائل كما نشاء، بعد ما استطعنا التحكم في الأصول الكبرى.
على أنى حينما أحاول ذلك، أنتفع أولًا بكل ما يستطاع الانتفاع به من القديم، وأتجنب الإندفاع المضيع للجهد والوقت، والمفرق للقوى في غير ضرورة، وأوثر اتباعًا لهذه الخطة أن أقدم بيان ما يستجيب له التراث القديم من هذا التغيير:
١ - فمن حيث وصل البلاغة بالحياة الأدبية، وجعلها دراسة ذات جدوى عملية، يكفى أن نأخذ برأى القدماء حينما كان أبو هلال العسكرى يقول: إن صاحب العربية يستطيع بعلم البلاغة أن يفرق بين كلام جيد وآخر ردئ، ولفظ حسن وآخر قبيح، كما يستطيع أن يصنع قصيدة وينشئ رسالة. وبهذا تحكم حاجة الحياة الأدبية، وينتفع بكل ما يجد في تلك الحياة من نافع، وتخدم الفنون القولية الرائجة.
٢ - ومن حيث إخضاع البلاغة للمنهج الأدبى الفني في الدراسة يكفى أن نحيى رسوم المدرسة الأدبية الأولى وآثارها وكتبها. وبهذا نحتكم التي كل ما في دراسة الفنون من أساليب مجربة ومناهج مستحدثة، ونهمل بتاتًا للك الدراسة الفلسفية المستعجمة.
وفيما نبتغى من تغيير وراء ذلك ننتفع بما قرروا من عدم نضج البلاغة؛ لنقرر ما يلي:
٣ - قد وضع القدماء هذه البلاغة في قسم المركبات من العلوم الأدبية؛ وقصروها على دراسة الجملة وأجزائها فحسب؛ لا ترى من أبحاثها شيئًا يزيد على ذلك؛ وقدموا مقدمة عامة للفصاحة والبلاغة ذكروا فيها شيئًا عن فصاحة الكلمة المفردة. والعمل الأدبى ليس في الجملة وجزئها لا غير، فتلك