في أثناء النقد. وعلى التاجر أن يعلم أن في الزيف أمورًا: الأول أنه إذا رد عليه شيء منه فينبغى أن يطرحه في بئر، الثاني أنه يجب على التاجر تعلم النقد المستعمل في بلده، الثالث أنه إن أسلم وعرف المعامل أنه زيف لا يخرج عن الإثم لأنه ليس يأخذه إلا ليروجه على غيره، الرابع أن يأخذ الزيف ليدين أحدا بالفضل فلا يدخل في البركة التي يجلبها الشعور الطيب في التجارة، إلا إن عزم على طرحه في بئر.
ثم يتحدث الغزالى عما يستضر به المعامل في المعاملة، وإنما الضابط الكلى في التجارة أن لا يضر المرء بأخيه المسلم وأن لا يحب لأخيه إلا ما يحب لنفسه، ولهذا ينبغي للبائع (١): ترك الثناء على السلعة وتوكيد أقواله بالحلف. وليس له إلا أن يثنى على السلعة بما فيها مما لا يعرفه المشترى ما لم يذكره، كما يصفه من أخلاق العبيد والجوارى مثلًا (٢) أن يظهر جميع عيوب المبيع، ولا ينبغي له مثلًا أن يظهر الجوانب الحسنة من السلعة أو يعرضها في المواضع المظلمة إلخ. لأن التاجر إن فعل ذلك كان غاشا تاركا للنصح في المعاملة الذي يجب عليه أن يبذله لأخيه، وعلى التاجر أن يعتقد بأمرين: الأول أن تلبيسه العيوب وترويجه السلع لا يزيد في رزقه بل يمحقه ويذهب ببركته، والثاني أن ربح الآخرة وغناها خير من ربح الدنيا، وإن فوائد أموال الدنيا تنقضى بانقضاء العمر وتبقى مظالمها وأوزارها (٣) أن يوفى الكيل والميزان (٤) أن يصدق في سعر الوقت.
ثم تكلم الغزالى عن الإحسان في المعاملة وآداب التجارة، ومن أمثلة هذا الإحسان فعل ما ينتفع به المعامل وهو غير واجب عليه. وتنال رتبة الإحسان بواحد من ستة أمور: الأول إذا امتنع البائع عن قبول ما يبذله المشترى زيادة على الربح المعتاد؛ الثاني أن يرضى المشترى بالغبن إذا كان البائع فقيرا، الثالث في استيفاء الثمن وسائر الديون والإحسان فيه مرة بحط البعض ومرة بالإمهال والتأخير، الرابع في توفية الدين. ومن الإحسان فيه أن يمشى إلى صاحب الحق ولا يكلفه أن يمشى إليه يتقاضاه " الخامس أن يقبل راغبا عن البيع بعد إتمام الصفقة،