ينبغي للورّاق أن يؤثر إعطاء الورق لأولئك الذين يبتاعونه من أجل تحضير كتب العلم، ويجب عليه من جهة أخرى ألا يبيعه لأولئك الذين يشتبه في أنهم سيستخدمونه في تحضير الكتب المارقة من الدين أو الصكوك المزيفة أو في زيادة الضرائب إلخ (طبعة ميهرمان Myhrmann، لندن سنة ١٩٠٨، ص ١٨٨، ترجمة رشر Rescher، الآستانة عام ١٩٢٥، ص ١٣٨) وليس للوراق أن يبيع كتب الدين إلى الذين يتلفونها أو ينقدونها ولا ينبغي له أن يتاجر بكتب المارقين أو أصحاب النجوم ولا بالمؤلفات الخرافية كسيرة عنتر. كما أنه يجب عليه ألا يبيع نسخ القرآن أو كتب الحديث والفقه للكفار (وعلى هذا ينظر كتاب الأم للشافعي، جـ ٤، ص ٤٩، و Fremdenrecht: Heffening، ص ٤٩، تعليق ٥ حيث يجب أن تحذف كلمة " keine" السابقة لـ " hanaf. Werke" وأخيرا يجب على الذي يتجر في الأراضي أن يحترز من بيع الأعيان الموقوفة (طبعة Myhrmann ص ٢٠٥، ترجمة رشر، ص ١٥٠ وما بعدها).
د- وهناك خلال يزيد نصيبها من الأثرة حبذها الكتاب الذي نشره وترجمه رتر Ritter وهو "كتاب الإشارة إلى محاسن التجارة" لأبي الفضل جعفر بن علي الدمشقي الذي عاش في القرنين الخامس والسادس الهجريين الموافقين للقرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين. وهذا الكتاب مقسم قسمين أحدهما خاص بالتاجر، والآخر خاص ببضاعته، وقد كتب في موضوع السلع مؤلفات أخرى كثيرة بعضها قائم بذاته وبعضها داخل في المطولات الإسلامية المشهورة التي يمكن الرجوع في شأنها إلى رشر (كتابه المذكور، ص ١٧ وما بعدها)، والذي يعنينا في هذا المقام بوجه خاص هو الأقسام الخاصة بالتاجر؛ وقد ميز الدمشقي بين أصناف التجار فذكر أولًا الخزّان أي تاجر الجملة وهو الذي يحاول أن يشترى بضاعته في أشد الظروف ملاءمة كى يبيعها عندما تندر ويرتفع ثمنها، ولذلك فهو أحوج الناس إلى تقديم المعرفة بأحوال البضائع في أماكنها وبلادها وانقطاع الطريق أو أمنها، وذلك باستطلاع الأخبار حتى لا