للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القاموس القرآنى الناقص بل البدائى. وبالتزام هذا المنهج الأدبى يرجى كمال هذا القاموس، وقواميس أخرى تتطلبها حياة القرآن، كتاب العربية الأعظم.

...

ثم بعد المفردات يكون نظر المفسر الأدبى في المركبات، وهو في ذلك - ولا مرية - مستعين بالعلوم الأدبية من نحو وبلاغة .. إلخ ولكن لا على أن الصنعة النحوية عمل مقصود لذاته؛ ولا لون يلون التفسير كما كان الحال قديمًا .. بل على أنها؟ ؟ أداة من أدوات بيان المعنى وتحديده؛ والنظر في اتفاق معاني القراءات المختلفة للآيات الواحدة، والتقاء الاستعمالات المتماثلة في القرآن كله .. ثم على أن النظرة البلاغية في هذه المركبات ليست هي تلك النظرة الوصفية التي تعنى بتطبيق اصطلاح بلاغى بعينه، وترجيح أن ما في الآية منه هو كذا لا كذا؛ أو إدراج الآية في قسم من الأقسام البلاغية دون قسم آخر! ! كلا، بل على أن النظرة البلاغية هي النظرة الأدبية الفنية التي تتمثل الجمال القولى في الأسلوب القرآنى، وتستبين معارف هذا الجمال، وتستجلى قسماته، في ذوق بارع قد استشف خصائص التراكيب العربية منضما إلى ذلك التأملات العميقة في التراكيب والأساليب القرآنية لمعرفة مزاياها الخاصة بها بين آثار العربية، بل لمعرفة فنون القول القرآنى وموضوعاته فنًا فنًا، وموضوعًا موضوعًا، معرفة تبين خصائص القرآن في كل فن منها ومزاياها التي تجلو جماله.

ولئن كان مثل هذا مما يطلب أو يوصف في قليل من الجمل أو الأسطر، فإن تحقيقه ليس بهذه السهولة والقرب، وإنما يقوم على إصلاح أدبى بلاغى أحسب أن الحياة الأدبية اليوم تحاوله، وهي بالغة منه إن شاء الله مبلغًا حسنًا، ومستفيدة به في التفسير الأدبى للقرآن، كما تستفيد هذه المحاولة الإصلاحية نفسها بمزاولتها للتفسير القرآنى، وإذا أوفى بنا القول على هذا الإصلاح الأدبى فإنا نشير إلى ما تنبغى مراعاته من:

التفسير النفسى: لأن ما استقر من تقدير صلة البلاغة بعلم النفس (١) قد


(١) بحث "البلاغة وعلم النفس" .. لكاتب هذا المقال نشر في الجزء الثاني من المجلد الرابع لمجلة كلية الآداب سنة ١٩٣٦.