وأقاما نظامهما على شبه نظام قومى. فمهدا بذلدُ لنمو قومية تونسية وقومية مصرية بالمعنى الحديث للقومية.
والمتتبع لتاريخ تونس في ظل البيت الحسينى يلحظ مروره بالأدوار الآتية - وهي بصفة عامة شبيهة بالأدوار التي مر فيها التاريخ المصري في القرن التاسع عشر:
أحس أمراء تونس إحساسًا قويًّا بضرورة إنشاء قوة حربية مجهزة تجهيزًا حديثًا، تحل محل العصبيات المسلحة التي يخشونها، وتمكنهم من بسط حكمهم على سائر أجزاء المملكة، وتصون حدودهم. فبدءوا بهذا وفعلوا ما فعله سليم الثالث ومحمود في الدولة العثمانية ومحمد على في مصر.
ثم وجدوا أن هذا يستلزم تنظيمًا جديدًا لشتى المرافق والإدارات، كما أنه يستلزم تنمية الموارد الاقتصادية لزيادة الجباية، ويقضي بإعداد جديد للناشئين.
وقد انبعث من هذه الحركة كل ما واجهته تونس وما تواجهه من مسائل ومشكلات.
من هذه المشكلات ما يرتبط بالعلاقات بين البيت الحاكم والمحكومين، فقد زاد شعور المحكومين بتضامنهم القومى، وبوجوب نيل ما يكفل منع سوء الحكم، ويقى كرامتهم القومية اعتداء الغير، ويضع بلادهم الموضع اللائق بها في مختلف الحركات التي هزت العالم الإسلامي هزات متواصلة، فأدى هذا إلى اكتساب الأمة حقوقًا وضمانات مختلفة، أعمها وأهمها ما اشتمل عليه عهد الأمان الصادر في ١٢٤٧ هـ (١٨٥٧ م). يذكرنا هذا بعهود محمد على باشا وسعيد باشا والخديو إسماعيل المتضمنة حقوقًا وضمانات مختلفة للرعية والمنتهية بقيام المجالس النيابية في عهد إسماعيل وأوائل عهد توفيق. وفي تونس -كما في مصر - لم تتح لأهل البلاد حكامًا ومحكومين فرصة العمل على وضع العلاقة بين الأمة والحكومة على قواعد ثابتة يرتضيها الجميع، بل عقّد الأمر في القطرين التدخل الأجنبي.
ومن هذه المشكلات ما يتعلق بعلاقة الأمراء بالدولة العثمانية، فقد أدرك