للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بوركارت Burckhardt. ولم يزر هذه البلاد بارث، Barth وناختجال Nachtigal إلَّا بعد ذلك بعشرات السنين، وقد أسهبوا الكلام عنها في كتبهم. وليس هناك ما يدعو إلى الشك في صحة أخبار التونسى، فقد تبين بيرون صحتها من جماعة من أهل دارفور وواداى كانوا يعيشون في القاهرة فأيدوا ما رواه التونسى تمام التأييد. على أننا لا ننكر أن هناك بعض الهنات في وصف الشيخ التونسى هذه الديار، فقد كانت أخباره يعوزها الترتيب لا تتبع منهجًا مألوفًا، كما كلف بالاستطراد، وكان سريع التصديق لمعتقدات العامة من مسلمي هذه البلاد (وخاصة ماكان منها متعلقًا بالسحر) وليست هذه الهنات جسيمة بالقياس إلى غيرها، فقد أخذ على صاحب الكتاب أنه لم يذكر شيئًا مضبوطًا عن الأحوال الجغرافية والطبوغرافية والإحصائية والأرصاد الجوية لهذه البلاد. (انظر Barth في- Rei -sen and Entdeckungen in Nord and Cen tralafrika جـ ٣، برلين سنة ١٨٥٩، ص ٥٢٥ وما بعدها؛ Nachtigal في - Pe termanns Geogr. Mitteil,، جـ ٢١، سنة ١٨٧٥, ص ١٧٦, وفي - Sahara undSu dan جـ ٣، ص ٨). ومع هذا فإن كتابى التونسى مصدر هام عن الأحوال الجنسية والثقافية والسياسية لبلاد السودان التي زارها يقدر بعد حق قدره. ومجمل القول أن كلا منهما يكمل الآخر، ففي الكتاب الخاص بواداى - وهو أطولهما - أخبار كثيرة عن دارفور.

ونسوق كذلك تذييلًا ونبذة عن الشيخ زين العابدين التونسى أحد مواطنيه وهو يشبهه من عدة وجوه. فقد كان هذا الرجل واسع العلم غزير المادة درس في الأزهر وخالط الأوربيين، فلما اشتد عوده رحل إلى السودان عام ١٨١٨ أو عام ١٨١٩. ويظهر أنه لبث هناك ما يقرب من عشر سنوات كما فعل التونسى فصرف جانبًا من جهده في الدعوة إلى الإسلام ينتقل من بلد إلى آخر لتفقيه الناس في الدين. وقد رحل بادئ الأمر إلى سنار وكردفان. ثم مكث زمنًا طويلًا في دارفور وواداى يكسب معاشه من التدريس. وعاد إلى تونس عن طريق فزان بعد أن صرف في واداى أكثر من