فيها شتى طبقات المجتمع. وفي هذه الكتب أدب ونقد، فهي لذلك من كتب علم الأخلاق وهو العلم الذي أوجده الجاحظ، نذكر منها على سبيل المثال:
كتاب اللصوص، غش الصناعات، كتاب الفتيان، كتاب الوكلاء والموكلين، كتاب المعلمين، ورسالة في الكتاب، كتاب المغنين. وقد بقيت الكتب التالية: كتاب الجوارى والغلمان، كتاب القيان، كتاب البخاوء وقد نشره فلوتن Vloten في ليدن عام ١٩٠٠ وهو في أخبار بخلاء البصرة؛ كتاب أخلاق الملوك وبه تفاصيل هامة عن الآداب المرعية في قصور ملوك الفرس والخلفاء. وهذا الكتاب مشكوك في صحة نسبه إلى الجاحظ
والجاحظ من مدرسة ابن المقفع وسهل ابن هارون والعتابى وغيرهم في البلاغة، فقد صاغ تواليفه على أسلوبهم، ونشر كثيرًا من كتبه باسم هذه المدرسة وألف مثلهم رسائل أهداها إلى أولى نعمته. ومن خير تواليفه في هذا الباب (رسالة في المعاد والمعاش، رسالة في العداوة والحسد، رسالة في التربيع والتدوير، وغيرها) وأغنت هذه الرسائل اللغة العربية بتعابير لا تسامى في قوتها وأحكامها. وكتاب البيان والتبيين (بولاق سنة ١٣١٣ هـ) من أواخر تواليف الجاحظ، وهو مصنف كبير وديوان لفصاحة العرب ساق فيه مختارات من قصائد الشعراء وخطب الخطباء للاستشهاد بها على آرائه التي يغلب عليها الابتكار.
وعيوب مصنفات الجاحظ كلها تقريبا افتقارها إلى حسن النظام في التحرير والتبويب وكثرة استطرادها وولعه البين بذكر النوادر والحقائق القائمة بذاتها، وصفوة القول أن الجاحظ كان قوى الملاحظة أكثر منه مفكرًا، وأديبا أكثر منه فيلسوفا، وعُرف الجاحظ بالفطنة وسداد ملاحظاته في أغلب الأحيان، ومع ذلك فلا يمكن أن نسلك مؤلفاته إلا في كتب الأدبيات أي كتب التهذيب وأدب التسلية والعلوم. وأكبر ما يعنينا في كتب الجاحظ -إلى جانب ما فيها من أدب ونحو -هو تلك المادة القيمة التي يؤودنا بها عن حياة العرب الخاصة والعامة وعاداتهم وآرائهم في عهده والعهود السابقة.