الفتح الذي تم على يد عضد الدولة سنة ٣٦٧ هـ (٩٧٧ م). وهنالك قسمت، نتيجة للضعف المتزايد الذي لحق بالبويهيين، بين المروانيين في الشمال (ديار بكر) والعقَيْليين (الموصل) الذين اعترف أمير من أمرائهم هو قرْواش بن مُقلد سنة ٤٠١ هـ (١٠١٠ - ١٠١١ م) بسيادة الفاطميين. وقد قضى السلاجقة على حكم هاتين الأسرتين.
وكانت الجزيرة ولاية غنية خصيبة بالنسبة لغيرها من الولايات، تمدها أنهارها بالماء، ولم تعدم فيافيها الكثيرةُ المراعي العيونَ والآبار. وقد كان المثلث المحصور بين الجبلين الأرمنيين: جبل عبد العزيز وجبل سنجار، منطقة مزروعة مترامية الأطراف، وكذلك كانت تقوم أيضًا مناطق زراعية كبيرة على طول نهرى بليخ والخابور. ومن أهم المحصولات والمنتجات الزراعية في الجزيرة التي ذكرها المقدسي وابن حوقل بخاصة: الخيول، والأغنام، والحبوب (كانت الموصل تزود بغداد وسأمراء بالدقيق- انظر الصولى: أخبار الراضى، ص ٧٦, ١٠٩ , الترجمة، ص ١٣٣، ١٧٧ - وقد اشتهرت الطواحين المتنقلة بالموصل وبلدَ) والأرز (نصيبين) وزيت الزيتون (الرقة وماردين) والزبد، والجبن، وقصب السكر (سنجار)، والدجاج، والفواكه الطازجة والمجففة والزبيب والبندق (نصيبين) والمربى (كُبيط) وعسل النحل، واللحم المقدد (نمسكود) والفحم النباتي، والقطن (حزان ووادي الخابور) إلى غير ذلك. ونذكر من بين منتجات الصناعة والحرف المحلية: الصابون، والقطران، والحديد، والدلاء، والمدى، والسهام، والسلاسل، واللجم، والموازين (حران ونصيبين) والكتان والمنسوجات الصوفية (آمد) ومطارق القصارين. وازدهرت التجارة في الجزيرة بفضل الملاحة في دجلة والفرات. وكانت جزيرة ابن عمر هي الثغر الذي تشحن فيه البضائع من أرمينية وبلاد الروم، وبالس لشحن البضائع من الشام.
ولذلك لم يكن بعجيب أن تجنح السلطة القائمة ببغداد في جميع الأحوال إلى الاحتفاظ بالجزيرة تحت سلطانها المباشر أو غير المباشر، وهذا يبين سياسة المعتضد