للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صلى الله عليه وسلم، وحجل حول محمد صلى الله عليه وسلم. ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم. قال في هذه المناسبة: "أشبهت خَلْقى وخُلُقى".

وعندما قرر النبي صلى الله عليه وسلم أن ينفذ عام ٨ هـ (٦٢٩) حملة إلى ما وراء حدود الروم (البوزنطيين) أقام زيد بن حارثة أميرًا للجيش، فإن قتل فجعفر، فإن قتل فعبد الله بن رواحة. واستشهد الثلاثة في وقعة مؤتة (جمادى الأولى عام ٨ هـ = ٦٢٩ م) فنوا في قبر واحد، ليس عليه آية علامات تميزه. وفي مؤتة قبر عليه نقش تذكار بالخط الكوفي، لا يزال بعضه قائمًا، وهذا يدل على قدم الرواية التي تدور حوله. وقد حارب جعفر بشجاعة واستشهد (وكان وقتذاك في الأربعين من عمره)، ويقال إنه أعجز جواده قبل المعركة حتى لا يجد أمامه سبيلا للهرب، وأنه أول من فعل ذلك في الإسلام. وقطعت يداه الواحدة بعد الأخرى فحمل العلم بأن ضمه إلى صدره بطرفيه المبتورين. وأحصى في جسده أكثر من ستين جرحًا. ورأي النبي صلى الله عليه وسلم، بفضل قواه الخارقة، ما حدث في المعركة وهو فوق منبره. وذهب في اليوم التالي إلى بيت جعفر وأبلغ أرملته، وهو يبكى، بمصابها.

وكان جعفر أشد أقارب محمد صلى الله عليه وسلم شبهًا به، وقد لقب باسم أبي المساكين (أو أبي المساكن) بسبب برّه بالفقراء، وأُطِلق عليه بعد استشهاده اسم جعفرَ ذي الجناحين أو جعفر الطيَّار في الجنة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنه رآه في المنام يطير بجناحين يقطران دمًا بين جماعة من الملائكة في الجنة. وجاء في كتاب (أسد الغابة) وكتاب (عمدة الطالب) أنه لقب أيضًا باسم ذي الهجرتين لأنه هاجر مرتين، أولاهما إلى بلاد الحبشة وثانيتها إلى المدينة، ومن الأبناء الذين أنجبهم جعفر من زوجته أسماء، عون ومحمد، وقد سقطا شهيدين في كربلاء بجوار الحسين رضي الله عنه، وذريته من صلب ابنه عبد الله فحسب.

ويحدثنا ابن أبي الحديد عن مناظرات من يرون أن فضائل جعفر