للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أما كتاب "حدود العالم" المجهول المؤلف الذي كتب بالفارسية سنة ٣٧٢ هـ (٩٨٢ م) فهو من أقدم الكتب الفارسية في جغرافية العالم وقد أفاد كاتبه من عدة مراجع عربية متقدمة في الموضوع، ولا شك أنه كانت بين يديه نسخة من كتاب الإصطخري. وفي حدود العالم نزعة إلى الكمال وضبط الأرقام، ثم إن صاحبه، فضلا عن ذلك، مستقل عن الجغرافيين الآخرين في تعميماته الجغرافية والاصطلاحية، وأصالته تستبين من تصوره انقسام العالم المعمور إلى "أجزاء من العالم" وإلى "بلاد قائمة بذاتها" (انظر مقدمة Barthold لكتاب "حدود العالم")، ص ٢١ - ٣٣). وقد ظهر الكتاب في ترجمة إنكليزية مع تعليق بارع بقلم مينورسكى (Minorsky, لندن سنة ١٩٣٧)، وهذا التعليق من أكثر ما كتب استقصاءً على أي كتاب فارسى أو عربي، عن الجغرافيا في العصر الحديث.

(٢) المدرسة البلخية: وإلى الفئة الثانية الكبرى من الكتاب في الجغرافيا العامة ينتسب الإصطخري، وابن حوقل، والمقدسى وكذلك أبو زيد أحمد ابن سهل البلخي المتوفى سنة ٣٢٢ هـ (٩٣٤ م) والذي نسبت إليه هذه المدرسة. وقد كتب البلخى كتابه الجغرافي "صور الأقاليم" (وهو أولًا شرح على الخرائط) سنة ٣٠٨ هـ (٩٢٠ م) أو بعد ذلك بقليل، وأنفق البلخى ثماني سنوات أو نحوها في العراق ودرس على الكندى. وكان قد رحل كثيرًا قبل عودته إلى موطنه وذاع صيته بالعلم واللوذعية.

على أن من المرجح أنه اعتنق في المرحلة الثانية من حياته آراء أهل السنة وكتب عدة رسائل أثنت عليها الدوائر السنية أجمل الثناء. صحيح أن نص كتاب البلخى الجغرافي لم ينشر بعد قائما بذاته وأن المخطوطات التي نسبت في يوم من الأيام للبلخى قد ثبت الآن أنها للإصطخرى، إلا أن رأى ده غويه لا يزال قائمًا له وجاهته، وهو أن كتاب الإصطخري يمثل نسخة أخرى موسعة توسعة كبيرة من كتاب البلخى، صنعت بين سنتي ٣١٨ و ٣٢١ هـ (٩٣٠ - ٩٣٣ م) في حياة البلخى.