حيث هو مرجع للمعلومات وثيق. وقد ترجم هذا الكتاب إلى الفارسية وأصبح عمادا لكثير من الكتب الفارسية في الجغرافيا.
وأتم أبو القاسم محمد بن حوقل البغدادي كتابه في الجغرافيا المسمى "كتاب صورة الأرض" حوالي سنة ٣٦٦ هـ (٩٧٧ م). وكان ابن حوقل، منذ طفولته مهتما بالجغرافيا، وقد رحل فأبعد الرحلة بين عامي ٣٣١ و ٣٥٧ هـ (٩٤٣ - ٩٦٨ م) وكان منصرفًا إلى الجغرافيا انصرافا حتى إن كتب الجيهانى وابن خرداذبه وقدامة لم تكن تفارقه أبدًا، بل لقد قال في الكتابين الأولين إنهما شغلاه حتى عجز عن أن يصرف همه إلى العلوم النافعة الأخرى أو إلى الأحاديث النبوية. ومع ذلك فإن الذي حفزه إلى كتابة كتابه هو أنه لم يجد كتابًا من الكتب القائمة في هذا الموضوع يحوز الرضا، وهو يزعم أنه أصلح كتاب الإصطخري، وكان قد لقيه. على أن مزاعم ابن حوقل هذه لا يسلم بها من غير مناقشة، ذلك أن التشابه القائم بين كتابى هذين الجغرافيين يوحى بأن ابن حوقل مدين للإصطخرى ويعد ابن حوقل من أئمة الجغرافيين في ذاك العصر، ذلك أنه يظهر في ميدان رسم الخرائط استقلالا وتفردا، فهو لا يتبع الآخرين بلا وعى ولا تبصر. زد على ذلك أنه ضم إلى كتابه معلومات جديدة تعتمد على رحلاته أو على أقوال الناس. وظل كتابه مصدرا للمعلومات وثيقًا دأب الجغرافيون الذين أتوا بعده على الرجوع إليه عدة قرون.
وكان أبو عبد الله محمد بن أحمد المقدسي المتوفى سنة ٣٩٠ هـ (١٠٠٠ م) وصاحب كتاب "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم" جغرافيا علميًّا مبتكرًا عظيم الابتكار في زمانه. وهو يزعم أنه أقام الجغرافيا العربية على أساس جديد وأضفى عليها معنى جديدًا ومدى أوسع وأفسح فقد ألفى المقدسي أن موضوع الجغرافيا مفيد لعدة طوائف من المجتمع كما هو مفيد لأصحاب المهن المختلفة، فأفسح في مداه وضمنه موضوعات متنوعة تتراوح بين السمات الطبيعية للإقليم