موضوع البحث والمناجم واللغات وأجناس الشعوب والعادات والتقاليد، والديانات والفرق، والطبائع، والموازين والمقاييس والأقسام الإقليمية والطرق والمسافات. ورأى أن الجغرافيا ليست علما يحصل بالقياس، بل يحصل بالتجربة المباشرة والمعلومات المباشرة، ومن ثم أهتم أكبر الاهتمام بكل ما يلاحظه المرء فعلا مما يتفق مع العقل، واستقى من الكتاب المتقدمين أهم ما عندهم "ولم يسرق منهم". ولذلك يمكن تقسيم كتابه إلى ثلاثة أجزاء تبعًا لطبيعة مصادر معلوماته: ما لاحظه بنفسه؛ ما سمعه من أناس ذوي ثقة؛ ما وجده مدونًا في الكتب عن هذا الموضوع. والمقدسى من الجغرافيين العرب القلائل الذين يناقشون المصطلحات الجغرافية والمدلولات الخاصة لبعض العبارات والكلمات المستعملة، فضلا عن أنه يزودنا بملخص، وفهرس للأقاليم والكور وغير ذلك في مقدمة كتابه لينتفع بذلك أولئك الذين يريدون أن يخرجوا بفكرة سريعة عن محتويات كتابه أو يتخذوه دليلا لرحلاتهم. والمقدسى يخالف الإصطخري وابن حوقل في أنه يقسم "مملكة الإسلام" إلي أربعة عشر إقليما (سبعة عربية وسبعة عجمية) وربما أراد بذلك أن يوفق بين ما يقوله وبين الاعتقاد بأن ثمة سبعة أقاليم شمالي خط الاستواء وسبعة أخرى جنوبيه، وهي فكرة تنسب إلى هرمس الشخصية الأسطورية التي عرفها العرب بأنها لفيلسوف مصرى قديم. وهو يختلف في هذا الصدد مع أبي زيد البلخى والجيهانى اللذين يعدهما مع ذلك "إمامين". وثمة سمة هامة يتسم بها كتابه وهي أنه يجرى مجرى المفسرين فيناقش باستفاضة مسائل تتعلق بالجغرافيا العامة، مثل عدد البحور وغير ذلك حتى يجعل هذا العدد يتفق مع الآيات القرآنية التي تحدثت عنها.
(د) التجارة والاستكشاف: الكتب البحرية وثمة ناحية هامة من نواحى تطور الكتب الجغرافية العربية لذلك العصر، هي صدور كتب بحرية وكتب رحلات أثرت معرفة العرب بالجغرافيا الإقليمية والوصفية. وقد تيسر هذا أولًا