بمعلومات فريدة هامة عن بلاد الشرق القاصية. وقد نشرت هذه الأخبار التي جاء بها سليمان أول ما نشرت سنة ٣٠٢ هـ (٩١٦ م) على يد أبي زيد الحسن السيرافى هي وأخبار أخرى جمعها وحققها في كتاب اسمه "سلسلة التواريخ". والظاهر أن أبا زيد كان شخصًا ميسور الحال، ولم يكن هو نفسه قد مارس الرحلات، إلا أنه كان شغوفًا كل الشغف بجمع المعلومات من الرحالة والتجار وتسجيلها وقد لقى هذا الرجل المسعودى مرتين على الأقل، وتبادل معه الكثير من المعلومات وكان المسعودى، الذي يعد من أعلى أهل زمانه همة في ارتياد الآفاق، قد رحل فأبعد الرحلة، وأبحر في عدة بحار بما في ذلك بحر الخزر والبحر المتوسط. ولا جرم أن يكون قد ناقش مع أبي زيد ما كشف قرب إقريطش من ألواح سفينة تنتمى إلى بحر العرب. وكان ذلك ظاهرة فريدة، ذلك أنه كان من المظنون أن بحر العرب لا يتصل بالبحر المتوسط. وقد انتهى المسعودى إلى القول بأن الاحتمال الوحيد لذلك هو أن هذه الألواح ريما تكون قد مضت عائمة إلى الشرق ودخلت في البحر الشرقي (المحيط الهادي) ثم اتجهت شمالا ثم دخلت أخيرًا البحر المتوسط (مروج الذهب، جـ ١، ص ٣٦٥ - ٣٦٦) مارة بالخليج (وهو خليج متوهم يهبط ماؤه من شمالي المحيط الأطلسي [البحر المحيط] حتى يلج البحر الأسود). وإجماعهما هما الاثنان على ذكر هذا الكشف الفريد شاهد على عنايتهما بالمشاكل الجغرافية، وهو يدل أيضًا على أن الاهتمام بالجغرافيا كان حيا نشطا في ذلك العهد، ولم يركد كما حدث في العهد المتأخر.
ومن الكتاب ذوي الشأن لذلك العهد: بُرْزُك بن شهريار ربان رامْهُرْمُز (سنة ٢٩٩ - ٣٩٩ هـ = ٩١٢ - ١٠٠٩ م) الذي صنف كتابًا في الحكايات البحرية عنوانه "كتاب عجائب الهند" حوالي سنة ٣٤٢ هـ (٩٥٣ م) ويروى الكتاب عددًا من الحكايات الظريفة غاية الظرف العجيبة كل العجب عن مغامرات البحارة في جزائر الهند الشرقية وغيرها من أجزاء المحيط الهندى. وهذه الحكايات قد صنفت فيما يظهر للقارئ