للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ذلك، أي في سبتمبر عام ١٨٧٩، ذلك أن جهوده السياسية كانت شجى في حلق الممثل البريطانى، كما كان بعثه للدراسات الفلسفية مثيرًا لحفيظة أهل الجمود في الأوساط الأزهرية، فنفى بسعاية الإنجليز من مصر، واعتقل في الهند، في حيدر أباد ثم في كلكته، ثم سمح له بمغادرتها بعد قمع فتنة عرابى، وألف رسالته في الرد على الدهريين في أثناء إقامته في حيدر أباد وقد عرفنا من مذكرة لولفرد سكاون بلنت (S. Blunt) الذي كان معنيًا بالسياسة المصرية (في براون Browne، ص ٤٠١) أمرًا لم يذره غيره من كتاب سيرة جمال الدين، وهو أن السيد خرج من الهند قاصدًا أمريكا وبقى فيها بضعة شهور، وكان في نيته أن يتجنس بالجنسية الأمريكية، والظاهر أنه لم ينفذ هذا العزم، ونجده في سنة ١٨٨٣ في لندن، وقد أقام فيها زمنًا قصيرًا، وغادرها إلى باريس فمكث بها في صحبة صديقه وتلميذه الوفى محمد عبده الذي أصبح فيما بعد مفتى الديار المصرية، وأوقف قلمه على مناهضة التدخل الإنجليزى في مصائر الشعوب الإسلامية، ورحبت أمهات الصحف وأوسعها سلطانًا بمقالاته في سياسة روسيا وإنجلترا في الشرق وسير الأمور في مصر وتركية ومغزى الحركة المهدية التي قامت في السودان آنئذ، واهتمت الدول ذات الشأن بمقالاته هذه اهتمامًا كبيرًا.

وفي ذلك الوقت أيضًا ثارت بينه وبين إرنست رينان مناظرة بصدد محاضرة ألقاها رينان في السربون عن الإسلام والعلم زعم فيها أن الإسلام لا يشجع البحث العلمي، وأراد جمال الدين أن يرد على رينان، فكتب مقالا ظهر أولًا في "جورنال ده دبا Journal des Debats" (نشر أيضًا باللغة العربية- انظر مصادر هذه المادة) ولا باس من أن نشير في هذا المقام إلى أن محاضرة رينان قد ترجمها بُعيد ذلك إلى العربية حسن أفندى عاصم وطبعت في القاهرة على الحجر مصحوبة برد في تاريخ غير معلوم. على أن معظم نشاط جمال الدين في باريس سواء في ميدان التأليف أو السياسة كان منصرفا إلى