صحيفة عربية كان يحررها بالاشتراك مع محمد عبده (المحرر الفعلى) وهي العروة الوثقى، وكانت تصدر على نفقة نفر من الهنود المسلمين وتحمل على سياسة الإنجليز في البلاد الإسلامية، وخاصة الهند وهصر، حملة شعواء، وصدر العدد الأول من هذه الصحيفة في الخامس عشر من جمادى الأولى عام ١٣٠١ هـ (١٣ مارس سنة ١٨٨٤ م) وقد صادرتها السلطات الإنجليزية في الشرق ومنعت دخولها في مصر والهند، وإنما كان يتيسر ذلك بإرسالها إلى من يراد التأثير فيهم في غلاف محكم (هكذا ذكر جمال الدين نفسه) ولم تعمر هذه الصحيفة طويلا بالنظر إلى هذه العقبات التي صادفتها، فلم يصدر منها جمال الدين ومحمد عبده إلا ثمانية عشر عددًا في ثمانية شهور، وقد صدر العدد الأخير في السادس والعشرين من ذي الحجة عام ١٣٠١ هـ (١٧ أكتوبر سنة ١٨٨٤) ومع ذلك فقد كان لها شأن عظيم في إذكاء الآراء الحرة المناهضة للإنجليز في الأوساط الإسلامية، بل يمكن أن تعد باكورة الحركات القومية في الممتلكات الإسلامية التابعة [آنئذ] فقد أخذ ساعد هذه الحركات يشتد بفضلها شيئًا فشيئًا، وظلت العروة الوثقى حافظة لشأنها إلى يومنا هذا، وشاهد ذلك أن حسين محيي الدين الحبال محرر جريدة أبابيل قد أعاد منذ عهد قريب (١٣٢٨ = ١٩١٠ م) طبعة جديدة منها بعد انقضاء ربع قرن على صدورها، وتولى طبعها نسيب أفندى صبرة.
وقد كان جمال الدين يثير الخواطر على الإنجليز علنًا وفي غير مواربة، إلا أن قادة الساسة الإنجليز قبلوا بوساطة بلنت أن يدخلوا في مفاوضات شخصية مع جمال الدين لإخماد حركة المهدي في السودان، ولكن هذه المفاوضات لم تنته إلى نتيجة عملية. وكان استيقاظ جمال الدين همم الشعوب الإسلامية قد أثر في القاصى والدانى، فما إن مضى بعض الوقت حتى تلقى دعوة بالبرق (١٨٨٦ م) تستقدمه إلى بلاط الشاه ناصر الدين في طهران، فاستقبل هناك بحفاوة بالغة وتبجيل عظيم وأسندت إليه المناصب السياسية العالية، ولكن هذه الحال لم تدم طويلا إذ سرعان ما